الْمَحَلَّ بِالْآلَةِ فَلَا يُرَادُ كُلُّهُ وَإِنَّمَا ثَبَتَ اسْتِيعَابُ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ وَإِنْ دَخَلَ الْبَاءُ فِي الْمَحَلِّ فِي قَوْله تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [المائدة: ٦] لِأَنَّ الْمَسْحَ خَلَفٌ عَنْ الْغَسْلِ وَالِاسْتِيعَابُ ثَابِتٌ فِيهِ فَكَذَا فِي خَلَفِهِ أَوْ لِحَدِيثِ عَمَّارٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ يُزَادُ بِهِ عَلَى الْكِتَابِ
(عَلَى لِلِاسْتِعْلَاءِ وَيُرَادُ بِهِ الْوُجُوبُ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَعْلُوهُ وَيَرْكَبُهُ مَعْنًى وَيُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ نَحْوُ {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: ١٢] وَهِيَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ بِمَعْنَى الْبَاءِ إجْمَاعًا مَجَازًا لِأَنَّ اللُّزُومَ يُنَاسِبُ الْإِلْصَاقَ) هَذَا بَيَانُ عَلَاقَةِ الْمَجَازِ وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْمَجَازُ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ الشَّرْطُ لَا يُمْكِنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ الْخَطَرَ وَالشَّرْطَ حَتَّى لَا تَصِيرَ قِمَارًا فَإِذَا قَالَ بِعْت مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ عَلَى أَلْفٍ فَمَعْنَاهُ بِأَلْفٍ (وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لِلشَّرْطِ عَمَلًا بِأَصْلِهِ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
ــ
[التلويح]
مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاسْتِيعَابُ فَإِذَا دَخَلَتْ الْبَاءُ فِي الْمَحَلِّ صَارَ شَبِيهًا بِالْآلَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِيعَابُهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حِينَئِذٍ إلْصَاقُ الْفِعْلِ وَإِثْبَاتُ وَصْفِ الْإِلْصَاقِ فِي الْفِعْلِ فَيَصِيرُ الْفِعْلُ مَقْصُودًا لِإِثْبَاتِ صِفَةِ الْإِلْصَاقِ، وَالْمَحَلُّ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ فَيُكْتَفَى فِيهِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ أَعْنِي إلْصَاقَ الْفِعْلِ بِالرَّأْسِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِبَعْضِ الرَّأْسِ فَيَكُونُ التَّبْعِيضُ مُسْتَفَادًا مِنْ هَذَا إلَّا مِنْ الْوَضْعِ وَاللُّغَةِ عَلَى مَا نُسِبَ إلَى الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلِهَذَا قَالَ جَارُ اللَّهِ إنَّ الْمَعْنَى أَلْصِقُوا الْمَسْحَ بِالرَّأْسِ، وَهَذَا شَامِلٌ لِلِاسْتِيعَابِ وَغَيْرِهِ، وَإِذْ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ التَّبْعِيضُ فَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اعْتَبَرَ أَقَلَّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْحِ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى الزِّيَادَةِ، وَلَا إجْمَالَ فِي الْآيَةِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ لِحُصُولِهِ فِي ضِمْنِ غَسْلِ الْوَجْهِ مَعَ عَدَمِ تَأَدِّي الْفَرْضِ بِهِ اتِّفَاقًا بَلْ الْمُرَادُ بَعْضٌ مُقَدَّرٌ فَصَارَ مُجْمَلًا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمِقْدَارِ النَّاصِيَةِ، وَهُوَ الرُّبْعُ، وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ عَدَمَ تَأَدِّي الْفَرْضِ بِمَا حَصَلَ فِي ضِمْنِ غَسْلِ الْوَجْهِ مَبْنِيٌّ عَلَى فَوَاتِ التَّرْتِيبِ، وَهُوَ وَاجِبٌ فَصَارَ الْخِلَافُ مَبْنِيًّا عَلَى الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ، وَأَمَّا وُجُوبُ اسْتِيعَابِ الْوَجْهِ وَالْيَدِ فِي التَّيَمُّمِ مَعَ دُخُولِ الْبَاءِ عَلَى الْمَحَلِّ فَقَدْ ثَبَتَ بِالنِّسْبَةِ الْمَشْهُورَةِ «يَكْفِيكَ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلذِّرَاعَيْنِ» ، وَبِأَنَّ التَّيَمُّمَ خَلَفٌ عَنْ الْوُضُوءِ وَفِيهِ الِاسْتِيعَابُ إلَّا أَنَّهُ نِصْفٌ بِتَرْكِ مَسْحِ الرَّأْسِ، وَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ تَخْفِيفًا
(قَوْلُهُ وَيُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ) يَعْنِي قَدْ يُسْتَعْمَلُ عَلَى فِي مَعْنًى يُفْهَمُ مِنْهُ كَوْنُ مَا بَعْدَهَا شَرْطًا لِمَا قَبْلَهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: ١٢] أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِشْرَاكِ، وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّهَا صِلَةٌ لِلْمُبَايَعَةِ يُقَالُ بَايَعْنَاهُ عَلَى كَذَا، وَكَوْنُهَا لِلشَّرْطِ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِيقَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّهَا فِي أَصْلِ الْوَضْعِ لِلْإِلْزَامِ، وَالْجَزَاءُ لَازِمٌ لِلشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ) أَيْ الْخَالِيَةِ عَنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ عِنْدَهُمَا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى الْمَالِ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ، وَلِهَذَا كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute