للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التلويح]

مَا فِي الضَّرْعِ مِنْ اللَّبَنِ، وَذَا دِينٍ، وَفِي كَلَامِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَغَيْرِهِ أَنَّ " إذَا " حِينَئِذٍ لَيْسَ بِاسْمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ حَرْفٌ بِمَعْنَى إنْ بِدَلِيلِ اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ، وَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمَعَانِي فَإِنَّ " إذَا " كَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَشْكُوكِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمَقْطُوعِ لِنُكْتَةٍ، وَهِيَ هَاهُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ شِيمَةَ الزَّمَانِ رَدُّ الْمَوَاهِبِ وَحَطُّ الْمَرَاتِبِ حَتَّى إنْ أَصَابَهُ الْمَكْرُوهُ كَأَنَّهُ أَمْرٌ لَا شَكَّ فِيهِ لِيُوَطِّنَ الْمُخَاطَبُ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ فَيَأْمَنُ مُفَاجَأَةَ الْمَكْرُوهِ، وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ إذَا حَقِيقَةٌ فِي الظَّرْفِ تُضَافُ إلَى جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ فِي مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ لَكِنَّهَا قَدْ تُسْتَعْمَلُ لِمُجَرَّدِ الظَّرْفِيَّةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَرْطٍ وَتَعْلِيقٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: ١] أَيْ، وَقْتَ غَشَيَانِهِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ اللَّيْلِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ تَعْلِيقَ الْقَسَمِ بِغَشَيَانِ اللَّيْلِ وَتَقْيِيدَهُ بِذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلِهَذَا مَنَعَ الْمُحَقِّقُونَ كَوْنَهُ حَالًا مِنْ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْقَسَمِ بِذَلِكَ الْوَقْتِ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ مِنْ غَيْرِ سُقُوطِ مَعْنَى الظَّرْفِ، مِثْلُ إذَا خَرَجْتَ خَرَجْتُ أَيْ أَخْرُجُ وَقْتَ خُرُوجِك، تَعْلِيقًا لِخُرُوجِك بِخُرُوجِهِ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوهُ لِكَمَالِ الشَّرْطِ وَلَمْ يَجْزِمُوا بِهِ الْمُضَارِعَ لِفَوَاتِ مَعْنَى الْإِبْهَامِ اللَّازِمِ لِلشَّرْطِ فَإِنَّ قَوْلَك آتِيك إذَا احْمَرَّ الْبُسْرُ بِمَنْزِلَةِ آتِيك الْوَقْتَ الَّذِي يَحْمَرُّ فِيهِ الْبُسْرُ فَفِيهِ تَعْيِينٌ وَتَخْصِيصٌ بِخِلَافِ مَتَى تَخْرُجْ أَخْرُجْ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى إنْ تَخْرُجْ الْيَوْمَ أَخْرُجْ الْيَوْمَ، وَإِنْ تَخْرُجْ غَدًا أَخْرُجْ غَدًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَزْمَانِ فَجَزْمُ الْفِعْلِ بِإِذَا لَا يَجُوزُ إلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ تَشْبِيهًا لِلتَّعْلِيقِ بَيْنَ جُمْلَتَيْهَا بِمَا بَيْنَ جُمْلَتَيْ إنْ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ النُّحَاةِ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهَا فِي الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ جَزْمِ الْفِعْلِ فَشَائِعٌ مُسْتَفِيضٌ لَا يُقَالُ: فَفِي اسْتِعْمَالِهَا فِي الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ سُقُوطِ مَعْنَى الظَّرْفِ، جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ لَمْ تُسْتَعْمَلْ إلَّا فِي مَعْنَى الظَّرْفِ لَكِنْ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى الشَّرْطِ بِاعْتِبَارِ إفَادَةِ الْكَلَامِ تَقْيِيدَ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِمَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِمَنْزِلَةِ الْمُبْتَدَأِ الْمُتَضَمِّنِ مَعْنَى الشَّرْطِ مِثْلُ الَّذِي يَأْتِينِي أَوْ كُلُّ رَجُلٍ يَأْتِينِي فَلَهُ دِرْهَمٌ، وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَصْلًا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ امْتِنَاعَ الْجَمْعِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ التَّنَافِي، وَلَا تَنَافِيَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ يَصْلُحُ شَرْطًا، وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ أَصْلًا، وَأَمَّا مَا يُقَالُ مِنْ أَنَّهُ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ حَيْثُ اُسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِلْوَقْتِ فِي مَجْمُوعِ الْوَقْتِ وَالشَّرْطِ اسْتِعْمَالَ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ فَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ، لِلْقَطْعِ بِامْتِنَاعِ إطْلَاقِ الْأَرْضِ عَلَى مَجْمُوعِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (قَوْلُهُ، وَدُخُولُهُ) أَيْ دُخُولُ إذَا إنَّمَا يَكُونُ لِأَمْرٍ كَائِنٍ مُتَحَقِّقٍ فِي الْحَالِ مِثْلَ قَوْلِهِ،

وَإِذَا تَكُونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لَهَا

أَيْ عِنْدَ نُزُولِ الْحَادِثَةِ أَوْ أَمْرٍ مُنْتَظَرٍ لَا مَحَالَةَ أَيْ أَمْرٍ يُقْطَعُ بِتَحَقُّقِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار: ١] فَهِيَ تَقْلِبُ الْمَاضِيَ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>