رَحِمَك بِعَيْنِ هَذَا الدَّلِيلِ) أَيْ الدَّلِيلِ الَّذِي ذُكِرَ فِي اعْتَدِّي فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَمَرَهَا بِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ لِتَتَزَوَّجَ زَوْجًا آخَرَ فَإِذَا نَوَى اقْتَضَى الطَّلَاقَ كَمَا مَرَّ (وَكَذَا أَنْتِ وَاحِدَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ فَإِذَا نَوَى يَقَعُ بِهَا الرَّجْعِيُّ، وَلَا تَبِينُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْبَيْنُونَةِ
(التَّقْسِيمُ
ــ
[التلويح]
مُسْتَتِرٌ فَإِذَا نَوَى مَا يُعَدُّ مِنْ الْأَقْرَاءِ ثَبَتَ الطَّلَاقُ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ ضَرُورَةَ أَنَّ وُجُوبَ عَدِّ الْأَقْرَاءِ يَقْتَضِي سَابِقِيَّةَ الطَّلَاقِ تَصْحِيحًا لِلْأَمْرِ، وَالضَّرُورَةُ تَرْتَفِعُ بِإِثْبَاتِ وَاحِدٍ رَجْعِيٍّ فَلَا يُصَارُ إلَى الزَّائِدِ، وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْمَلْزُومَ الْمُنْتَقَلَ إلَيْهِ فِي الْكِنَايَةِ قَدْ يَكُونُ لَازِمًا مُتَقَدِّمًا عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الِاقْتِضَاءِ هَذَا إذَا كَانَ قَوْلُهُ اعْتَدِّي بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا، وَأَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا جِهَةَ لِلِاقْتِضَاءِ، وَإِرَادَةُ حَقِيقَةِ الْأَمَرِ بَعْدَ الْأَقْرَاءِ لِيَنْتَقِلَ مِنْهُ إلَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ اعْتَدِّي مَجَازًا عَنْ كُونِي طَالِقًا بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الِاعْتِدَادِ، وَلَا يُجْعَلُ مَجَازًا عَنْ طَلِّقِي إذْ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، وَلَا عَنْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك؛ لِأَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ التَّوَافُقَ فِي الصِّيغَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ جُعِلَ اللَّفْظُ كِنَايَةً، وَلَمَّا تَعَذَّرَ ذَلِكَ جُعِلَ مَجَازًا، وَأَمَّا بِتَفْسِيرِ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِاسْتِتَارِ الْمُرَادِ بِهِ، ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْ الطَّلَاقِ بِالِاعْتِدَادِ مَجَازًا بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الْمُسَبَّبِ مَقْصُودًا مِنْ السَّبَبِ لِيَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ عِلَّةٍ غَائِيَّةٍ فَتَحَقَّقَ أَصَالَتُهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ الْمَجَازِ، وَظَاهِرٌ أَنْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ الطَّلَاقِ هُوَ الِاعْتِدَادُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ هُوَ اخْتِصَاصُهُ بِالسَّبَبِ لِيَتَحَقَّقَ الِاتِّصَالُ مِنْ جَانِبِهِ أَيْضًا كَاخْتِصَاصِ الْفِعْلِ بِالْإِرَادَةِ، وَالْخَمْرِ بِالْعِنَبِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالِاعْتِدَادُ شَرْعًا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ مُخْتَصٌّ بِالطَّلَاقِ، لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ إلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَالشَّبَهِ كَالْمَوْتِ وَحُدُوثِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَارْتِدَادِ الزَّوْجِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ اعْتَدِّي مِنْ بَابِ الْإِضْمَارِ أَيْ طَلَّقْتُك فَاعْتَدِّي أَوْ اعْتَدِّي لِأَنِّي طَلَّقْتُك، فَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ، وَفِي غَيْرِهَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ عَمَّا بِنِيَّتِهِ وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ، وَكَذَا) أَيْ مِثْلُ اعْتَدِّي، اسْتَبْرِئِي؛ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَهُ وَتَوْضِيحٌ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْعِدَّةِ أَعْنِي طَلَبَ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْوَطْءِ وَطَلَبِ الْوَلَدِ، وَأَنْ تَكُونَ لِتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ فَإِذَا نَوَى ذَلِكَ يَثْبُتُ الطَّلَاقُ اقْتِضَاءً، وَالْمَبَاحِثُ الْمَذْكُورَةُ فِي اعْتَدِّي آتِيَةٌ هَاهُنَا (قَوْلُهُ، وَكَذَا أَنْتِ وَاحِدَةٌ) مَرْفُوعَةٌ أَوْ مَنْصُوبَةٌ أَوْ مَوْقُوفَةٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ أَنْتِ وَاحِدَةٌ فِي قَوْمِك أَوْ وَاحِدَةُ النِّسَاءِ فِي الْجَمَالِ أَوْ مُنْفَرِدَةٌ عِنْدِي لَيْسَ لِي غَيْرُك أَوْ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى أَنَّهَا وَصْفٌ لِلْمَصْدَرِ فَإِذَا نَوَى ذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِمَنْزِلَةِ أَنْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute