أَنَّهَا ثَابِتَةٌ بِدَلَالَةِ النَّصِّ، أَمْ بِالْقِيَاسِ فَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ فِيهَا (، وَأَمَّا الْمُقْتَضِي فَنَحْوُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ يَقْتَضِي الْبَيْعَ ضَرُورَةَ صِحَّةِ الْعِتْقِ) فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ وَكُنْ وَكِيلِي فِي الْإِعْتَاقِ.
(فَيَثْبُتُ) أَيْ الْبَيْعُ (بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ، وَلَا يَكُونُ كَالْمَلْفُوظِ حَتَّى لَا يَثْبُتَ شُرُوطُهُ) أَيْ لَا يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ جَمِيعُ شُرُوطِهِ بَلْ يَثْبُتُ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ مَا لَا يَحْتَمِلُ
ــ
[التلويح]
شَرْعِيَّةِ الْقِيَاسِ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَفْهَمُ مِنْ: لَا تَقُلْ لَهُ أُفٍّ لَا تَضْرِبْهُ وَلَا تَشْتُمْهُ سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْعِيَّةَ الْقِيَاسِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ شُرِعَ الْقِيَاسُ أَوْ لَا، الثَّالِثُ: أَنَّ النَّافِينَ لِلْقِيَاسِ قَائِلُونَ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ قِيَاسٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْحَاقِ فَرْعٍ بِأَصْلِهِ بِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ حُرْمَةُ التَّأْفِيفِ فَأُلْحِقَ بِهِ الضَّرْبُ وَالشَّتْمُ بِجَامِعِ الْأَذَى إلَّا أَنَّهُ قِيَاسٌ جَلِيٌّ قَطْعِيٌّ، وَهَذَا النِّزَاعُ لَفْظِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِ الْمَعْنَى فِي الدَّلَالَةِ مُدْرَكًا بِاللُّغَةِ فَإِنَّ حُكْمَهَا حِينَئِذٍ يَسْتَنِدُ إلَى النَّظْمِ، وَتَنْتَفِي عَنْهُ الشُّبْهَةُ الْمَانِعَةُ عَنْ ثُبُوتِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ، وَهِيَ اخْتِلَالُ الْمَعْنَى الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ لَا الشُّبْهَةُ الْوَاقِعَةُ فِي طَرِيقِ الثُّبُوتِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا تَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مِثَالُ ذَلِكَ إثْبَاتُ الرَّجْمِ بِدَلَالَةِ نَصٍّ وَرَدَ فِي مَاعِزٍ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ إنَّمَا رُجِمَ بِالزِّنَا فِي حَالَةِ الْإِحْصَانِ.
(قَوْلُهُ، وَلَا يَثْبُتُ ذَا) أَيْ مَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ بِالْقِيَاسِ الَّذِي مَعْنَاهُ مُدْرَكٌ بِالرَّأْيِ دُونَ اللُّغَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الشُّبْهَةِ الدَّارِئَةِ لِلْحُدُودِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ.
(قَوْلُهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) يَعْنِي أَنَّهُ تَابَعَ الْقَوْمَ فِي إيرَادِ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ لِدَلَالَةِ النَّصِّ، وَفِي بَعْضِهَا نَظَرٌ كَوُجُوبِ الْحَدِّ بِاللِّوَاطَةِ، وَالْقِصَاصِ بِالْقَتْلِ بِالْمُثْقِلِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُوجِبَ لَيْسَ مِمَّا يُفْهَمُ لُغَةً بَلْ رَأْيًا فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْقِيَاسِ إلَّا أَنَّ الْقِيَاسَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُثْبِتًا لِلْحَدِّ وَالْقِصَاصِ، ادَّعَوْا فِيهِ دَلَالَةَ النَّصِّ.
(قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْمُقْتَضِي) بِالْكَسْرِ عَلَى لَفْظِ اسْمِ الْفَاعِلِ فَنَحْوُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ، وَمُقْتَضَاهُ هُوَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ الرَّجُلِ عَبْدَهُ بِوَكَالَةِ الْغَيْرِ وَنِيَابَتِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى جَعْلِهِ مِلْكًا لَهُ، وَسَبَبُ الْمِلْكِ هَاهُنَا هُوَ الْبَيْعُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ عَنِّي بِأَلْفٍ فَيَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا مُتَقَدِّمًا لِمَعْنَى الْكَلَامِ، وَالِاقْتِضَاءُ هُوَ دَلَالَةُ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى الْبَيْعِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِمَا سَبَقَ أَنْ يَقُولَ، وَأَمَّا الِاقْتِضَاءُ فَكَمَا فِي هَذَا الْمِثَالِ، وَالْمُرَادُ بِاللُّزُومِ هَاهُنَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الشَّرْعِيِّ وَالْعَقْلِيِّ الْبَيِّنِ وَغَيْرِ الْبَيِّنِ، وَيَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ مَا قِيلَ: إنَّ الِاقْتِضَاءَ هُوَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنًى خَارِجٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِدْقُهُ أَوْ صِحَّتُهُ الشَّرْعِيَّةُ أَوْ الْعَقْلِيَّةُ، وَقَدْ يُقَيَّدُ بِالشَّرْعِيَّةِ احْتِرَازًا عَنْ الْمَحْذُوفِ مِثْلُ {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] ، وَلِهَذَا قِيلَ: الْمُقْتَضِي زِيَادَةً ثَبَتَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ شَرْعًا فَقَوْلُهُ شَرْطًا حَالٌ مِنْ الْمُسْتَكِنِّ فِي ثَبَتَ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ جَازَ تَذْكِيرُهُ مَعَ كَوْنِهِ عَائِدًا إلَى الزِّيَادَةِ، وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَشْرُوطِ لَا مَحَالَةَ فَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لَازِمٌ مُتَقَدِّمٌ، وَقَدْ صَرَّحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute