السُّقُوطَ أَصْلًا لَكِنَّ مَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ فِي الْجُمْلَةِ لَا يَثْبُتُ (فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا تَفْرِيعٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ شُرُوطُهُ
(لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِغَيْرِ شَيْءٍ أَنَّهُ يَصِحُّ عَنْ الْآمِرِ وَتَسْتَغْنِي الْهِبَةُ عَنْ الْقَبْضِ وَهُوَ شَرْطٌ كَمَا يَسْتَغْنِي الْبَيْعُ ثَمَّةَ عَنْ الْقَبُولِ وَهُوَ رُكْنٌ قُلْنَا يَسْقُطُ مَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ وَالْقَبُولَ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ) أَيْ الْقَبُولَ بِاللِّسَانِ فِي الْبَيْعِ مِمَّا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ (كَمَا فِي التَّعَاطِي لَا الْقَبْضِ) أَيْ فِي الْهِبَةِ (، وَلَا عُمُومَ لِلْمُقْتَضَى) أَيْ إذَا كَانَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضَى مَعْنًى تَحْتَهُ أَفْرَادٌ لَا يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ جَمِيعُ أَفْرَادِهِ (لِأَنَّهُ ثَابِتٌ ضَرُورَةً فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَلَمَّا لَمْ يَعُمَّ لَمْ يَقْبَلْ التَّخْصِيصَ فِي قَوْلِهِ، وَاَللَّهِ لَا آكُلُ؛ لِأَنَّ طَعَامًا ثَابِتٌ اقْتِضَاءً، وَأَيْضًا لَا تَخْصِيصَ
ــ
[التلويح]
بِذَلِكَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ قَالَ: الْمُقْتَضِي زِيَادَةً عَلَى الْمَنْصُوصِ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُهُ لِيَصِيرَ الْمَنْصُوصُ مُفِيدًا أَوْ مُوجِبًا لِلْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: بِعْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ، وَكُنْ وَكِيلًا فِي الْإِعْتَاقِ) قِيلَ: هَذَا التَّقْدِيرُ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ، وَرُدَّ بِالْمَنْعِ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَلْفُوظُ هُوَ هَذَا الْمُقَدَّرُ، وَكَأَنَّهُ إنَّمَا اخْتَارَ هَذَا التَّقْدِيرَ لِيَتَحَقَّقَ فِي هَذَا الْبَيْعِ عَدَمُ الْقَبُولِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْبُرْغَرِيُّ مِنْ أَنَّ الْآمِرَ كَأَنَّهُ قَالَ: اشْتَرَيْته مِنْك فَأَعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ، وَالْمَأْمُورُ حِينَ قَالَ: أَعْتِقْهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِعْته مِنْك فَأَعْتَقْته عَنْك فَإِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، نَعَمْ هَذَا التَّقْدِيرُ أَحْسَنُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ جَعَلَ عَنِّي مُتَعَلِّقًا بِأَعْتِقْهُ عَلَى مَعْنَى أَعْتِقْهُ نَائِبًا عَنِّي أَوْ وَكِيلًا لِأَصْلِهِ لِلْبَيْعِ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ الْمُصَنِّفُ إذْ لَا يُقَالُ: بِعْته عَنْك بَلْ مِنْك، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ عَنِّي حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ، وَبِأَلْفٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَعْتِقْ عَلَى تَضْمِينِهِ مَعْنَى الْبَيْعِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي مَبِيعًا مِنِّي بِأَلْفٍ.
(قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ الْبَيْعُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ) أَيْ مَعَ أَرْكَانِهِ وَشَرَائِطِهِ الضَّرُورِيَّةِ الَّتِي لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ، وَلَا يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ، نَعَمْ يُعْتَبَرُ فِي الْآمِرِ أَهْلِيَّةُ الْإِعْتَاقِ حَتَّى لَوْ كَانَ صَبِيًّا عَاقِلًا قَدْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فِي التَّصَرُّفَاتِ لَمْ يَثْبُتْ مِنْهُ الْبَيْعُ بِهَذَا الْكَلَامِ.
(قَوْلُهُ لَا الْقَبْضِ) أَيْ لَا يَحْتَمِلُ الْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ السُّقُوطَ بِحَالٍ إذْ لَا تُوجَدُ هِبَةٌ تُوجِبُ الْمِلْكَ بِدُونِ الْقَبْضِ فَفِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمَأْمُورِ دُونَ الْآمِرِ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ حَتَّى يَقَعَ الْعِتْقُ عَنْ الْآمِرِ فِيمَا إذَا قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفِ دِينَارٍ وَرِطْلٍ مِنْ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ بِشَرْطٍ أَصْلِيٍّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحِيحَ يَعْمَلُ بِدُونِهِ، وَالْفَاسِدَ مُلْحَقٌ بِهِ لَا أَصْلٌ بِنَفْسِهِ فَيَحْتَمِلُ السُّقُوطَ نَظَرًا إلَى أَصْلِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّ الْقَبْضَ فِيهَا شَرْطٌ أَصْلِيٌّ لَا تَعْمَلُ هِيَ إلَّا بِهِ، وَلِأَنَّ الْفَاسِدَ لِضَعْفِهِ احْتَاجَ إلَى الْقَبْضِ لِيَتَقَوَّى بِهِ، وَقَدْ حَصَلَ التَّقَوِّي بِثُبُوتِهِ فِي ضِمْنِ الْعِتْقِ.
(قَوْلُهُ، وَلَا عُمُومَ لِلْمُقْتَضَى) عَلَى لَفْظِ اسْمِ الْمَفْعُولِ، أَيْ اللَّازِمِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute