لَمْ يَجِدُوا فِي مِثْلِ هَذَا الْمِثَالِ لِوَصْفِ الْإِنْسَانِ بِالطُّولِ فَائِدَةً أَصْلًا لَكِنَّ الْمِثَالَ الْوَاحِدَ لَا يُفِيدُ الْحُكْمَ الْكُلِّيَّ عَلَى أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَكَلَامِ الرَّسُولِ لِكَلِمَةِ وَاحِدَةٍ أَلْفُ فَائِدَةٍ تَعْجِزُ عَنْ دَرْكِهَا أَفْهَامُ الْعُقَلَاءِ وَقَوْلُهُ لَكَانَ ذِكْرُهُ تَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَجِّحَ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ (وَلِأَنَّ أَقْصَى دَرَجَاتِهِ) أَيْ الْوَصْفِ (أَنْ يَكُونَ عِلَّةً، وَهِيَ لَا تَدُلُّ عَلَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَثْبُتُ بِعِلَلٍ شَتَّى) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ؛ وَلِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ يَدُلُّ.
(وَنَحْنُ نَقُولُ أَيْضًا بِعَدَمِ الْحُكْمِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْفِ (لَكِنْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْعِلَّةِ) فَيَكُونُ عَدَمُ الْحُكْمِ عَدَمًا أَصْلِيًّا لَا حُكْمًا شَرْعِيًّا (لَا أَنَّهُ عِلَّةٌ لِعَدَمِهِ) أَيْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْوَصْفِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْحُكْمِ عِنْدِ عَدَمِ الْوَصْفِ، وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ حُكْمًا عَدَمِيًّا لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ الثُّبُوتِيُّ فِيمَا عَدَا الْوَصْفَ عِنْدَنَا كَقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَيْسَ فِي الْعَلُوفَةِ زَكَاةٌ» فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ الْإِبِلَ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلُوفَةً كَانَ فِيهَا زَكَاةٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الثُّبُوتِيَّ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ بِنَاءً عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ، وَعِنْدَهُ يَثْبُتُ فِيمَا عَدَا الْوَصْفَ الْحُكْمُ الثُّبُوتِيُّ، وَأَيْضًا مِنْ ثَمَرَاتِ الْخِلَافِ صِحَّةُ التَّعْدِيَةِ، وَعَدَمُهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] هَلْ تَصِحُّ تَعْدِيَةُ عَدَمِ جَوَازِ الْكَافِرَةِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَقَدْ مَرَّ فِي فَصْلِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ (، وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى
ــ
[التلويح]
بِذَلِكَ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِعَدَمِ ظُهُورِ شَيْءٍ مِنْ الْمُوجِبَاتِ بَعْدَ التَّأَمُّلِ وَالتَّفَحُّصِ. قَوْلُهُ (وَقَوْلُهُ لَكَانَ ذِكْرُهُ تَرْجِيحًا) يَعْنِي بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلِيلِ يُظْهِرُ الْجَوَابَ عَنْ دَلِيلِهِمْ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْفَوَائِدِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْمُرَجِّحِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُرَجِّحٌ آخَرُ غَيْرُهَا.
(قَوْلُهُ، وَلِأَنَّ أَقْصَى دَرَجَاتِهِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْمَفْهُومِ إنَّمَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْحُكْمِ عِلَّةٌ أُخْرَى بَعْدَ التَّفَحُّصِ، وَالِاسْتِقْصَاءِ وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ الظَّنُّ، وَهُوَ كَافٍ إذْ لَا قَائِلَ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ قَطْعِيٌّ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَمَّا يُقَالُ: إنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْوَصْفُ لَثَبَتَ إمَّا بِالتَّوَاتُرِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ اتِّفَاقًا أَوْ بِالْآحَادِ، وَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ الْأُصُولِ.
(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْخُرُوجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ لَا يَنْكِحَ الْمُؤْمِنُ إلَّا الْمُؤْمِنَةَ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْخُرُوجِ مَخْرَجَ الْعَادَةِ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الْوَصْفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِاتِّصَافِ الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ الْوَصْفِ، وَأَنَّ الْغَالِبَ هُوَ الِاتِّصَافُ كَكَوْنِ الرَّبَائِبِ فِي حُجُورِكُمْ، وَلَوْ كَانَتْ الْفَتَيَاتُ، أَيْ الْإِمَاءُ مُؤْمِنَاتٍ فِي الْغَالِبِ، وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ لَصَحَّ مَا ذَكَرَهُ.
(قَوْلُهُ فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ) بِأَنْ تَكُونَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا (قَوْلُهُ أَمَّا هَاهُنَا فَلَا) يَعْنِي أَنَّ الْفِرَاشَ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا مِنْ وَقْتِ الدَّعْوَةِ فَكَانَ انْفِصَالُ الْوَلَدَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ قَبْلَ ظُهُورِ الْفِرَاشِ فِيهَا فَيَكُونَانِ وَلَدَيْ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ فِي أَرْضِ كَذَا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً وَارِثًا، وَأَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِلَا نَعْلَمُ فَيَكُونُ مُنَاسِبًا لِلتَّخْصِيصِ بِالصِّفَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ، وَهَذَا كَمَا أَوْرَدُوا فِي بَحْثِ التَّخْصِيصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute