للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمَنِ لَا عَلَى الْبَيْعِ (وَأَمَّا خِيَارُ الشَّرْطِ فَلِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَحْتَمِلُ الْحَظْرَ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَدُخُولُهُ عَلَى الْحُكْمِ دُونَ السَّبَبِ أَسْهَلُ مِنْ دُخُولِهِ عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا الطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ فَيَحْتَمِلَانِ الْحَظْرَ) أَيْ الشَّرْطَ، وَالْبَيْعُ لَا يَحْتَمِلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالشَّرْطِ قِمَارًا فَشَرْطُ الْخِيَارِ شَرْطٌ مَعَ الْمُنَافِي فَإِنْ كَانَ دَاخِلًا عَلَى السَّبَبِ يَكُونُ دَاخِلًا عَلَى السَّبَبِ وَالْحُكْمِ مَعًا فَدُخُولُهُ عَلَى الْحُكْمِ فَقَطْ أَسْهَلُ مِنْ دُخُولِهِ عَلَيْهِمَا فَأَمَّا الطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ فَيَحْتَمِلَانِ الشَّرْطَ، وَالْأَصْلُ أَنْ يَدْخُلَ التَّعْلِيقُ فِي السَّبَبِ كَيْ لَا يَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْ السَّبَبِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ دُخُولِهِ عَلَى السَّبَبِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ

(الْبَابُ الثَّانِي فِي إفَادَةِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ فِي إفَادَةِ اللَّفْظِ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ كَالْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ وَنَحْوِهِمَا (اللَّفْظُ الْمُفِيدُ لَهُ) إمَّا خَبَرٌ إنْ احْتَمَلَ الصِّدْقَ، وَالْكَذِبَ (مِنْ حَيْثُ هُوَ) أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَوَارِضِ كَكَوْنِهِ خَبَرَ مُخْبِرٍ صَادِقٍ (أَوْ إنْشَاءٌ) إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ (وَأَخْبَارُ الشَّارِعِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] (آكَدُ) أَيْ مِنْ الْإِنْشَاءِ (لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى الْوُجُودِ) اعْلَمْ أَنَّ إخْبَارَ الشَّارِعِ يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ مَجَازًا، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ الْأَمْرِ إلَى الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْأَخْبَارِ يَلْزَمُ كَذِبُ الشَّارِعِ، وَالْمَأْمُورُ بِهِ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْأَمْرِ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فَإِذَا أُرِيدَ الْمُبَالَغَةُ فِي وُجُودِ الْمَأْمُورِ بِهِ عُدِلَ إلَى لَفْظِ الْإِخْبَارِ مَجَازًا (وَأَمَّا الْإِنْشَاءُ فَالْمُعْتَبَرُ مِنْ أَقْسَامِهِ هَاهُنَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، فَالْأَمْرُ، قَوْلُ الْقَائِلِ

ــ

[التلويح]

جَازَتْ النِّيَابَةُ فِي الْمَالِيَّةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الْمَشَقَّةُ، وَمُخَالَفَةُ هَوَى النَّفْسِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَدَنِيَّةِ، وَسَيَجِيءُ فِي بَابِ الْأَمْرِ أَنَّ الْوُجُوبَ يَنْفَصِلُ عَنْ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي الْبَدَنِيَّةِ، وَإِنَّمَا قَالَ: فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمَالَ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إذْ بِهِ يَنْتَفِعُ الْإِنْسَانُ، وَيَنْدَفِعُ الْخُسْرَانُ.

(قَوْلُهُ وَتَبَيَّنَ الْفَرْقُ) لَمَّا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ بِمَنْزِلَةِ التَّأْجِيلِ، وَشَرْطَ الْخِيَارِ فِي أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنْ (الِانْعِقَادِ) وَإِنَّمَا يُؤَخِّرُ الْحُكْمَ فَقَطْ أَشَارَ إلَى الْفَرْقِ بِأَنَّ التَّأْجِيلَ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى الثَّمَنِ فَيُفِيدُ تَأْخِيرَ لُزُومِ الْمُطَالَبَةِ، وَلَا مَعْنَى لِمَنْعِهِ السَّبَبَ عَنْ الِانْعِقَادِ وَالْمِلْكَ عَنْ الثُّبُوتِ إذْ لَا جِهَةَ لِتَأْثِيرِ الشَّيْءِ فِيمَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ، وَشَرْطُ الْخِيَارِ دَخَلَ فِي الْحُكْمِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِضَرُورَةِ دَفْعِ الْغَبْنِ، وَالضَّرُورَةُ تَنْدَفِعُ بِدُخُولِهِ فِي مُجَرَّدِ الْحُكْمِ بِأَنْ يَنْعَقِدَ السَّبَبُ وَيَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ حَيْثُ يُمْكِنُ لِصَاحِبِ الْخِيَارِ فَسْخُ الْبَيْعِ بِدُونِ رِضَا صَاحِبِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي السَّبَبِ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ عَلَى السَّبَبِ دُخُولٌ عَلَى الْحُكْمِ وَتَأْخِيرٌ لَهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمُسَبِّبِ ثَابِتٌ بِهِ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ فَهُمَا مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ دُونَ الْإِثْبَاتَاتِ فَيَحْتَمِلَانِ الشَّرْطَ فَيُعْمَلُ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَ التَّعْلِيقُ عَلَى السَّبَبِ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ عَنْ سَبَبِهِ، وَأَنْ يُحْمَلَ الشَّيْءُ عَلَى كَمَالِهِ، وَكَمَالُ التَّعْلِيقِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى السَّبَبِ إذْ لَا ضَرُورَةَ هُنَا فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى مُجَرَّدِ الْحُكْمِ وَحَمْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>