مَضْمُونٍ أَصْلًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَامِدًا فِي التَّرْكِ.
(وَإِذَا ثَبَتَ فِي الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ، وَهُوَ مَعْقُولٌ ثَبَتَ فِي غَيْرِهِمَا كَالْمَنْذُورَاتِ الْمُعَيَّنَةِ، وَالِاعْتِكَافِ قِيَاسًا، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ النَّصِّ لِإِعْلَامِ أَنَّ مَا وَجَبَ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ غَيْرُ سَاقِطٍ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، وَأَنَّ شَرَفَ الْوَقْتِ سَاقِطٌ لَا لِلْإِيجَابِ ابْتِدَاءً) جَوَابُ إشْكَالٍ مُقَدَّرٍ، وَهُوَ أَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا وَجَبَ بِالنَّصِّ وَهُوَ {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] فَيَكُونُ، وَاجِبًا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ لَا بِالسَّبَبِ الَّذِي أَوْجَبَ الْأَدَاءَ فَقَالَ فِي جَوَابِهِ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ النَّصِّ لِإِعْلَامِ إلَخْ، وَأَيْضًا (لَا يَرِدُ قَضَاءُ الِاعْتِكَافِ، وَالْمَنْذُورَاتِ قِيَاسًا؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ فَإِنْ قِيلَ فَهَذَا الْأَصْلُ) ، وَهُوَ أَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ بِمَا أَوْجَبَ الْأَدَاءَ (قَضَاءُ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فِي رَمَضَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ فِي رَمَضَانَ آخَرَ) أَيْ إذَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يَعْتَكِفْ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ قَضَاءُ الِاعْتِكَافِ
ــ
[التلويح]
مَا هُوَ مَشْرُوعٌ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَيُمَاثِلُهُ فِي الْهَيْئَاتِ، وَالْأَذْكَارِ حِسًّا، وَعَقْلًا، وَفِي إزَالَةِ الْمَأْثَمِ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يُمَاثِلْهُ فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ فَإِنْ قِيلَ: الْوَاجِبُ بِصِفَةٍ لَا يَبْقَى بِدُونِهَا كَالْوَاجِبِ بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ يَسْقُطُ بِسُقُوطِهَا قُلْنَا: نَعَمْ إذَا كَانَتْ الصِّفَةُ مَقْصُودَةً، وَالْوَقْتُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعِبَادَةِ هُوَ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَمُخَالَفَةُ الْهَوَى، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ، وَامْتِنَاعُ التَّقْدِيمِ عَلَى الْوَقْتِ إنَّمَا هُوَ لِامْتِنَاعِ تَقْدِيمِ الْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ فَإِنْ قِيلَ: الْفَائِتُ يُقَابَلُ بِالْمِثْلِ أَوْ الضَّمَانِ فَمَا الَّذِي قُوبِلَ بِهِ شَرَفُ الْوَقْتِ الْفَائِتِ قُلْنَا: قَدْ تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ مُقَابَلَتِهِ بِالْمِثْلِ إذَا لَمْ يُشْرَعْ لِلْعَبْدِ مَا يُمَاثِلُ شَرَفَ الْوَقْتِ، وَأَمَّا الْمُقَابَلَةُ بِالضَّمَانِ فَقَدْ انْتَفَتْ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ» ، وَيَثْبُتُ تَحْقِيقُ الْإِثْمِ فِي الْعَمْدِ بِالنَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ عَلَى تَأْثِيمِ تَارِكِ الْوَاجِبِ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِهِ، ثُمَّ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْقَوْمِ أَنْ يُرَادَ الْآيَةُ، وَالْحَدِيثُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِلتَّمَسُّكِ بِهِمَا عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ لَا يَسْقُطُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا كَانَ عَامِدًا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَامِدًا لَا يَكُونُ شَرَفُ الْوَقْتِ مَضْمُونًا أَصْلًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ جَزَاءَ التَّرْكِ غَيْرَ عَامِدٍ، وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِالصَّوْمِ فِي أَيَّامٍ أُخَرَ، وَالصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ آخَرَ، مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِشَيْءٍ آخَرَ بَلْ مَعَ إيمَاءٍ إلَى أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْتِيِّ بِهِ فِي وَقْتِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الِاسْتِدْلَالَ بِهِمَا عَلَى عَدَمِ سُقُوطِ الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ إلَّا أَنَّهُ نَبَّهَ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ عَلَى زِيَادَةِ فَائِدَةٍ.
وَبِالْجُمْلَةِ بَقَاءُ الْوُجُوبِ بَعْدَ الْوَقْتِ ثَابِتٌ فِي الصَّوْمِ بِنَصِّ الْكِتَابِ، وَفِي الصَّلَاةِ بِنَصِّ الْحَدِيثِ، وَكِلَاهُمَا مَعْقُولُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ لَا يَصْلُحُ مُسْقِطًا، وَلَا عَجْزَ فِي حَقِّ أَصْلِ الْعِبَادَةِ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي غَيْرِ الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ كَالْمَنْذُورِ، وَالِاعْتِكَافِ قِيَاسًا عَلَيْهِمَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ، وَجَبَتْ بِسَبَبِهَا فَإِنْ قِيلَ: هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لَا لَكُمْ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ قَضَاءِ الصَّوْمِ، وَالصَّلَاةِ ثَبَتَ بِنَصِّ الْكِتَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute