للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التلويح]

أَوْلَى فَإِذَا عَادَ لَمْ يَتَأَدَّ فِي رَمَضَانَ الثَّانِي فَقَوْلُهُ يَقْتَضِي صَوْمًا مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِالصَّوْمِ» ، وَإِيجَابُ الشَّيْءِ إيجَابٌ لِتَوَابِعِهِ، وَشَرَائِطِهِ الَّتِي لَا يَتَوَسَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِهَا، وَيَكُونُ مِمَّا يُلْتَزَمُ بِالنَّذْرِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مِمَّا يُلْتَزَمُ بِالنَّذْرِ حَتَّى لَوْ نَذَرَ صَلَاةً، وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ جَازَ أَدَاؤُهَا بِهِ، وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى وُضُوءٍ لِأَجْلِهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا النُّقْصَانُ أَيْ عَدَمُ وُجُوبِ صَوْمٍ مَقْصُودٍ مَخْصُوصٍ بِالِاعْتِكَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِوَاسِطَةِ أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ بِشَرَفِهِ، وَاخْتِصَاصِهِ بِفَرْضِيَّةِ الصَّوْمِ فِيهِ لَا يَقْبَلُ إيجَابَ الصَّوْمِ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ فَلَوْ لَمْ يَسْقُطْ وُجُوبُ الصَّوْمِ الْمُخَصَّصِ بِالِاعْتِكَافِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَمَا أَمْكَنَ إدْرَاكُ فَضِيلَةِ الِاعْتِكَافِ فِي هَذَا الْوَقْتِ الشَّرِيفِ فَثَبَتَ بِعَارِضِ شَرَفِ الْوَقْتِ نُقْصَانٌ هُوَ عَدَمُ وُجُوبِ صَوْمٍ مَخْصُوصٍ بِالِاعْتِكَافِ، وَزِيَادَةٌ هِيَ فَضِيلَةُ الْعِبَادَةِ فِي الْوَقْتِ الشَّرِيفِ، وَفَضْلُ صِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى صِيَامِ سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَقَوْلُهُ فَلَمْ تَثْبُتْ الْقُدْرَةُ أَيْ عَلَى اكْتِسَابِ مِثْلِ مَا فَاتَ مِنْ زِيَادَةِ الْفَضِيلَةِ الثَّابِتَةِ بِشَرَفِ الْوَقْتِ فَسَقَطَ مَا ثَبَتَ بِشَرَفِ الْوَقْتِ مِنْ زِيَادَةِ الْفَضِيلَةِ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ عَنْ اكْتِسَابِهِ فَبَقِيَ الِاعْتِكَافُ مَضْمُونًا بِإِطْلَاقِهِ إذْ لَا عَجْزَ عَنْهُ، وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي صَوْمًا مَقْصُودًا مَخْصُوصًا بِهِ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَجَبَتْ مَعَ شَرَفِ الْوَقْتِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ إدْرَاكِ شَرَفِ الْوَقْتِ لِخُرُوجِهِ فَبَقِيَ أَصْلُ الصَّلَاةِ مَضْمُونًا بِشَرَائِطِهَا، وَقَوْلُهُ، وَكَانَ هَذَا أَيْ سُقُوطُ مَا ثَبَتَ بِشَرَفِ الْوَقْتِ مِنْ زِيَادَةِ الْفَضِيلَةِ، وَبَقَاءِ الِاعْتِكَافِ مَضْمُونًا بِإِطْلَاقِهِ أَحْوَطُ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا: وُجُوبُ الْقَضَاءِ مَعَ سُقُوطِ مَا ثَبَتَ بِشَرَفِ الْوَقْتِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَجِبَ الْقَضَاءُ بِصَوْمٍ مَخْصُوصٍ، وَالْآخَرُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ مَعَ رِعَايَةِ مَا ثَبَتَ بِشَرَفِ الْوَقْتِ مِنْ الزِّيَادَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْضِيَ الِاعْتِكَافَ فِي رَمَضَانَ آخَرَ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِهِ أَحْوَطَ الْوَجْهَيْنِ: هُوَ أَنَّ مَا ثَبَتَ بِشَرَفِ الْوَقْتِ مِنْ الزِّيَادَةِ لَمَّا احْتَمَلَ السُّقُوطَ بِمُضِيِّ رَمَضَانَ فَالنُّقْصَانُ الثَّابِتُ، وَالرُّخْصَةُ الْوَاقِعَةُ بِشَرَفِ الْوَقْتِ أَوْلَى بِاحْتِمَالِ السُّقُوطِ، وَالْعَوْدَةِ إلَى الْكَمَالِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الِاعْتِكَافِ، وَهُوَ أَنْ يَقْتَرِنَ بِصَوْمٍ مَقْصُودٍ مَخْصُوصٍ بِهِ، وَإِذَا عَادَ الِاعْتِكَافُ الْمَنْذُورُ إلَى كَمَالِهِ لَمْ يَتَأَدَّ بِالِاعْتِكَافِ فِي رَمَضَانَ الثَّانِي لِخُلُوِّهِ عَنْ الصَّوْمِ الْمَخْصُوصِ بِالِاعْتِكَافِ؛ وَلِأَنَّهُ وَجَبَ كَامِلًا فَلَا يَتَأَدَّى نَاقِصًا.

وَوَجْهُ أَوْلَوِيَّةِ سُقُوطِ النُّقْصَانِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْعِبَادَةِ أَحْوَطُ مِنْ تَرْكِهَا، وَإِيجَابَهَا أَوْلَى مِنْ نَفْيِهَا، وَزِيَادَتَهَا خَيْرٌ مِنْ النُّقْصَانِ فِيهَا فَسُقُوطُ النُّقْصَانِ فِيهَا يَكُونُ أَوْلَى مِنْ سُقُوطِ الزِّيَادَةِ، وَأَيْضًا سُقُوطُ النُّقْصَانِ عِبَارَةٌ عَنْ وُجُوبِ صَوْمٍ مَخْصُوصٍ بِهِ فَهُوَ تَكْثِيرٌ لِلْعِبَادَةِ، وَتَكْمِيلٌ لِلِاعْتِكَافِ فَيَكُونُ أَوْلَى، وَثَانِيهِمَا: أَنَّ مُوجِبَ سُقُوطِ الزِّيَادَةِ أَمْرٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ خَوْفُ الْمَوْتِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي، وَمُوجِبُ سُقُوطِ النُّقْصَانِ أَمْرَانِ: خَوْفُ الْمَوْتِ، وَالنَّذْرُ بِالِاعْتِكَافِ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ خَوْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>