للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّقْصَانِ عِبَارَةٌ عَنْ وُجُوبِ صَوْمٍ مَقْصُودٍ فَعُلِمَ أَنَّ سُقُوطَ شَرَفِ الْوَقْتِ يُوجِبُ وُجُوبَ صَوْمٍ مَقْصُودٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ مَعَ فَضِيلَةِ الصَّوْمِ الْمَقْصُودِ أَحْوَطُ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ

ــ

[التلويح]

الْمَوْتِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي يُوجِبُ قَضَاءَ الِاعْتِكَافِ قَبْلَهُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إلَّا بِسُقُوطِ النُّقْصَانِ، وَإِيجَابِ صَوْمٍ مَخْصُوصٍ بِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ شَرْعٌ بِصَوْمٍ لَهُ أَثَرٌ فِي إيجَابِهِ حَتَّى لَا يَسْقُطَ إلَّا بِعَارِضٍ فَبِالنَّذْرِ بِالِاعْتِكَافِ يَثْبُتُ صَوْمٌ مَخْصُوصٌ بِهِ، وَهُوَ مَعْنَى سُقُوطِ النُّقْصَانِ فَإِذَا ثَبَتَ مَا يُثْبِتُهُ خَوْفُ الْمَوْتِ فَأَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مَا يُثْبِتُهُ خَوْفُ الْمَوْتِ، وَشَيْءٌ آخَرُ مَعَ تَحَقُّقِهِمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ قُوَّةَ السَّبَبِ، وَكَثْرَتِهِ أَدْعَى إلَى وُجُودِ الْمُسَبِّبِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اجْتِمَاعُ الْمُؤَثِّرَيْنِ عَلَى أَثَرٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِثْبَاتِ هَاهُنَا الِاسْتِلْزَامُ وَالِاقْتِضَاءِ لَا التَّأْثِيرُ، وَالْإِيجَادُ فَإِنْ قُلْت: الزِّيَادَةُ، وَالنُّقْصَانُ قَدْ ثَبَتَا بِعَارِضِ شَرَفِ الْوَقْتِ فَيَسْقُطَانِ لِفَوَاتِهِ لِانْعِدَامِ الْأَثَرِ بِانْعِدَامِ الْمُؤَثِّرِ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ التَّطْوِيلِ قُلْت السَّبَبُ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِحُدُوثِ الْمُسَبِّبِ دُونَ بَقَائِهِ فَلَا يَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِهِ كَالصَّلَاةِ وَجَبَتْ بِالْوَقْتِ، وَبَقِيَ الْوُجُوبُ بَعْدَ انْقِضَائِهِ فَلَا بُدَّ فِي بَيَانِ الْمَطْلُوبِ مِمَّا ذَكَرُوا فِيهِ إشَارَةً إلَى الْجَوَابِ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ سُقُوطَ شَيْءٍ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ صَوْمٍ مَقْصُودٍ فَيَكُونُ وُجُوبُهُ ثَابِتًا بِلَا دَلِيلٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ بِالِاعْتِكَافِ مُوجِبٌ لِصَوْمٍ مَقْصُودٍ إلَّا أَنَّ عَارِضَ شَرَفِ الْوَقْتِ كَانَ مَانِعًا عَنْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فَبَعْدَ انْعِدَامِهِ ثَبَتَ الْحُكْمُ لِوُجُودِ سَبَبِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ، وَقَوْلُهُ؛ لَأَنْ يَحْتَمِلَ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهَا اللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الَّتِي مُبْتَدَؤُهَا أَنْ يَحْتَمِلَ، وَخَبَرُهَا أَوْلَى، وَضَمِيرُ يَحْتَمِلُ عَائِدٌ إلَى النُّقْصَانِ وَالرُّخْصَةِ وَحْدَهُ لِاتِّحَادِهِمَا مَعْنًى إذْ الْمُرَادُ بِهِمَا عَدَمُ وُجُوبِ الصَّوْمِ الْمَقْصُودِ.

وَقَوْلُهُ رَمَضَانَ آخَرَ، وَرَمَضَانُ الثَّانِي بِتَنْكِيرِ الْوَصْفِ، وَتَعْرِيفِهِ أُخْرَى مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ عَلَمٌ إذَا قُصِدَ بِهِ مُعَيَّنٌ، وَمُنَكَّرٌ إذَا قَصَدْت بِهِ مُبْهَمًا مِثْلُ مَرَرْت بِزَيْدٍ الْفَاضِلِ، وَزَيْدٍ آخَرَ فَأَرَادَ بِرَمَضَانَ آخَرَ رَمَضَانَ مُغَايِرًا لِلَّذِي نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِيهِ أَيًّا كَانَ، وَبِرَمَضَانَ الثَّانِي الَّذِي يَلِيهِ، وَهُوَ مُعَيَّنٌ.

إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي تَقْرِيرِ السُّؤَالِ، وَلَا يُجْزِئُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْآخَرَ كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِالنَّكِيرِ، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي رَمَضَانَ آخَرَ لِإِبْهَامِهِ، وَإِلَى رَمَضَانَ الْآخَرَ لِتَعَيُّنِهِ، وَالْعَلَمُ هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ بِالْإِضَافَةِ، وَرَمَضَانُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَذْفِ لِتَخْفِيفِ ذِكْرِهِ فِي الْكَشَّافِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ رَمَضَانُ عَلَمًا لَكَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ بِمَنْزِلَةِ إنْسَانِ زَيْدٍ، وَلَا يَخْفَى قُبْحُهُ، وَلِهَذَا كَثُرَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُسْمَعْ شَهْرُ رَجَبٍ، وَشَهْرُ شَعْبَانَ عَلَى الْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ، وَسُقُوطُ النُّقْصَانِ عِبَارَةٌ عَنْ وُجُوبِ صَوْمٍ مَقْصُودٍ) ذَكَرَهُ قُبَيْلَ هَذَا عَلَى قَصْدِ التَّفْسِيرِ وَهَاهُنَا عَلَى قَصْدِ التَّقْرِيرِ لِيَسْتَنْتِجَ مِنْهُ أَنَّ سُقُوطَ شَرَفِ الْوَقْتِ يُوجِبُ وُجُوبَ صَوْمٍ مَقْصُودٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>