للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَيْنَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حُكْمُ الشَّرْعِ هُوَ هَذَا الْمَجْمُوعُ (فَلَا يُعْتَقُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَيْهَا، وَيَمْلِكُ الزَّوْجُ إعْتَاقَهُ، وَبَيْعَهُ، وَقَبْلَهُ) أَيْ بَيْعِ الْعَبْدِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ قَضَى الْقَاضِي بِقِيمَتِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَلَكَهُ لَا يَعُودُ حَقُّهَا فِيهِ، وَمِنْ الْأَدَاءِ الْقَاصِرِ مَا إذَا أَطْعَمَ الْمَغْصُوبُ الْمَالِكَ جَاهِلًا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْأَدَاءِ لَا بِالتَّغْرِيرِ، وَرُبَّمَا يَأْكُلُ الْإِنْسَانُ فِي مَوْضِعِ الْإِبَاحَةِ فَوْقَ مَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِهِ، وَلَنَا أَنَّهُ أَدَاءٌ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ فِيهِ قُصُورٌ فَتَمَّ بِالْإِتْلَافِ، وَبِالْجَهْلِ لَا يُعْذَرُ، وَالْعَادَةُ الْمُخَالِفَةُ لِلدِّيَانَةِ لَغْوٌ) ، وَهُوَ أَنْ يَأْكُلَ فِي مَوْضِعِ الْإِبَاحَةِ فَوْقَ مَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِهِ.

(، وَالْقَضَاءُ بِمِثْلٍ مَعْقُولٍ إمَّا كَامِلٌ كَالْمِثْلِ صُورَةً، وَمَعْنًى

ــ

[التلويح]

دَلِيلٌ مَعْقُولٌ عَلَى أَنَّ تَبَدُّلَ الْمِلْكِ يُوجِبُ تَبَدُّلَ الْعَيْنِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ هُوَ الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنْ الشَّيْءِ، وَمِنْ وَصْفِ مَمْلُوكِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَحْكُمُ الشَّرْعُ بِحُرْمَةِ التَّصْرِيفِ فِيهِ عَلَى بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ، وَبِحِلِّهِ لِلْبَعْضِ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا هُوَ الشَّيْءُ مَعَ وَصْفِ الْمَمْلُوكِيَّةِ، وَالْكُلُّ يَتَبَدَّلُ بِتَبَدُّلِ بَعْضِ الْأَجْزَاءِ، وَعَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مُنَاقَشَةٌ لَا تَخْفَى، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمُتَّصِفَةُ بِالْحِلِّ، وَالْحُرْمَةِ هُوَ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِقَيْدِ الْمَمْلُوكِيَّةِ وَتَبَدُّلُ الْأَوْصَافِ لَا يُوجِبُ تَبَدُّلَ الذَّاتِ، وَقَدْ عَرَفْت الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَجْمُوعِ وَالْمُقَيَّدِ فَالْأَوْلَى التَّمَسُّكُ بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْأَدَاءِ الْقَاصِرِ) فَصَلَ هَذَا الْمِثَالَ عَنْ الْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ، وَأَخَّرَهُ عَنْ ذِكْرِ الْأَدَاءِ الَّذِي يُشْبِهُ الْقَضَاءَ اقْتِدَاءً بِفَخْرِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَهُ يَعْنِي: لَوْ غَصَبَ طَعَامًا فَقَدَّمَهُ إلَى مَالِكِهِ، وَأَبَاحَهُ أَكْلَهُ فَأَكَلَهُ جَاهِلًا بِأَنَّهُ الطَّعَامُ الَّذِي غُصِبَ مِنْهُ فَهُوَ أَدَاءٌ قَاصِرٌ يَبْرَأُ بِهِ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافُهُ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي كُتُبِ أَصْحَابِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: أُطْعِمَ الْمَغْصُوبُ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَطْعَمَهُ مَا هُوَ مُتَّخَذٌ مِنْ الْمَغْصُوبِ بِأَنْ كَانَ دَقِيقًا فَخَبَزَهُ أَوْ لَحْمًا فَطَبَخَهُ لَا يَبْرَأُ، وَقُيِّدَ بِالْإِطْعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَالِكِ، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَوْ أَكَلَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطْعِمَهُ الْغَاصِبُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ بِالِاتِّفَاقِ تَمَسَّكَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْغَاصِبَ مَأْمُورٌ بِالْأَدَاءِ، وَلَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّ مَا وُجِدَ مِنْهُ تَغْرِيرٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا يَكُونُ أَدَاءً مَأْمُورًا بِهِ.

وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ تَغْرِيرٌ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَأْكُلُ فِي مَوْضِعِ الْإِبَاحَةِ فَوْقَ مَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ أَوْ الشَّرْعِ، وَحَاصِلُ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ صُورَةُ الْأَدَاءِ بِتَسْلِيمِ عَيْنِ حَقِّهِ إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ بَطَلَ مَعْنَى الْأَدَاءِ، وَهُوَ إيصَالُ حَقِّ الْمَالِكِ إلَيْهِ نَفْيًا لِلْغُرُورِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَا يَكُونُ أَدَاءً حَقِيقَةً، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ نُكْتَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنَّهُ تَغْرِيرٌ، وَالتَّغْرِيرُ لَا يَكُونُ أَدَاءً؛ لِأَنَّ التَّغْرِيرَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالْأَدَاءُ مَأْمُورٌ بِهِ، وَتَنَافِي اللَّوَازِمِ يَدُلُّ عَلَى تَنَافِي

<<  <  ج: ص:  >  >>