للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِمَّا قَاصِرٌ كَالْقِيمَةِ إذَا انْقَطَعَ الْمِثْلُ أَوْ لَا مِثْلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الصُّورَةِ قَدْ فَاتَ لِلْعَجْزِ فَبَقِيَ الْمَعْنَى فَلَا يَجِبُ الْقَاصِرُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَامِلِ فَفِي قَطْعِ الْيَدِ، ثُمَّ الْقَتْلِ خُيِّرَ الْوَلِيُّ بَيْنَ الْقَطْعِ، ثُمَّ الْقَتْلِ، وَهُوَ مِثْلٌ كَامِلٌ، وَبَيْنَ الْقَتْلِ فَقَطْ، وَهُوَ قَاصِرٌ، وَعِنْدَهُمَا لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْتَصُّ بِالْقَطْعِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْرِ فَإِذَا أَفْضَى إلَيْهِ يَدْخُلُ مُوجِبُهُ فِي مُوجِبِ الْقَتْلِ) الْمُرَادُ بِالْمُوجِبِ هُنَا مَا يَجِبُ بِالْقَتْلِ، وَالْقَطْعِ، وَهُوَ الْقِصَاصُ (إذْ الْقَتْلُ أَتَمَّ مُوجَبَ الْقَطْعِ) الْمُرَادُ

ــ

[التلويح]

الْمَلْزُومَاتِ، وَالْبَرَاءَةُ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالْأَدَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ أَدَاءٌ قَاصِرٌ فَلَا يُعْتَبَرُ نَفْيًا لِلْغُرُورِ.

(قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّهُ أَدَاءٌ حَقِيقَةً) ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَلَ الْمَغْصُوبَ إلَى يَدِ الْمَالِكِ أَصْلًا، وَوَضْعًا بِحَيْثُ صَارَ مُتَمَكِّنًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ أَزَالَ يَدًا مُطْلَقَةً بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، وَمَا أَعَادَ إلَّا يَدَ الْإِبَاحَةِ، وَالْقَاصِرُ لَا يَنُوبُ عَنْ الْكَامِلِ، قُلْنَا عَنْ تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الْقُصُورِ فِيهِ فَقَدْ تَمَّ بِالْإِتْلَافِ كَمَا فِي أَدَاءِ الزُّيُوفِ عَنْ الْجِيَادِ فَإِنْ قِيلَ: جَهْلُ الْمِلْكِ بِهِ يُبْطِلُ الْأَدَاءَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغُرُورِ قُلْنَا: الْجَهْلُ عَارٌ، وَنَقِيصَةٌ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ الْمَالِكُ فِي إبْطَالِ مَا وَجَبَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَقَالَ لِلْمَالِكِ: أَعْتِقْ هَذَا الْعَبْدَ فَأَعْتَقَهُ، وَهُوَ جَاهِلٌ بِأَنَّهُ عَبْدُهُ يُعْتَقُ الْعَبْدُ، وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ بِكَثْرَةِ الْأَكْلِ فِي مَوْضِعِ الْإِبَاحَةِ عَادَةً مُخَالَفَةً لِلدِّيَانَةِ الْكَامِلَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ لَغْوًا لَا يُبْطِلُ الْأَدَاءَ

(قَوْلُهُ: وَالْقَضَاءُ بِمِثْلٍ مَعْقُولٍ) قِيلَ: يَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّقْسِيمِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا كَقَضَاءِ الْفَائِتَةِ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ كَامِلٌ، وَبِالِانْفِرَادِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ، وَرُدَّ بِأَنَّ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ هُوَ أَصْلُ الصَّلَاةِ لَا وَصْفُ الْجَمَاعَةِ فَالْقَضَاءُ بِجَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا إتْيَانٌ بِالْمِثْلِ الْكَامِلِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَكْمَلُ.

(قَوْلُهُ فَفِي قَطْعِ الْيَدِ ثُمَّ الْقَتْلِ) إمَّا أَنْ يَصْدُرَ عَنْ شَخْصٍ أَوْ شَخْصَيْنِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَا خَطَأَيْنِ أَوْ عَمْدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ قَبْلَ الْبُرْءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَتَفَاصِيلُ الْأَحْكَامِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ مَا إذَا كَانَ الْقَاطِعُ، وَالْقَاتِلُ شَخْصًا وَاحِدًا مُتَعَمِّدًا، وَيَكُونُ الْقَاتِلُ قَبْلَ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا) لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْطَعَ بَلْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْتَصُّ بِالْقَطْعِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْرِ إلَى الْقَتْلِ بِحُكْمِ النَّصِّ فَإِذَا أَفْضَى إلَى الْقَتْلِ بِأَنْ قَتَلَهُ مُتَعَمِّدًا سَقَطَ حُكْمُ الْقَطْعِ فِي نَفْسِهِ وَصَارَ قَتْلًا، وَدَخَلَ مُوجِبُهُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ الْقِصَاصُ فِي مُوجِبِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ قَدْ أَتَمَّ الْأَثَرَ الثَّابِتَ بِالْقَطْعِ حِسًّا، وَحَقِيقَةً بِدَلِيلِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ السِّرَايَةِ فَيَكُونُ الْقَطْعُ، ثُمَّ الْقَتْلُ جِنَايَةً وَاحِدَةً بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا قَتَلَهُ ضَرَبَاتٍ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِيهِ إلَّا الْقَتْلُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ جَعَلَ الْإِفْضَاءَ إلَى الْقَتْلِ بِمَنْزِلَةِ السِّرَايَةِ إلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُوجِبِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْأَثَرُ الثَّابِتُ بِالشَّيْءِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ ثَابِتٌ شَرْعًا، وَالثَّانِي حِسًّا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعْيِينٌ لِمَا صَدَقَ عَلَيْهِ الْمُوجِبُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>