للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْزَمُ حِينَئِذٍ الْمُحَالَاتُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ قِدَمِ الْحَادِثِ، وَانْتِقَاءِ الْوَاجِبِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اسْتِنَادِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ اسْتِغْنَاؤُهَا عَنْ الْوَاجِبِ إذْ لَا شَكَّ أَنَّهَا مُفْتَقِرَةٌ إلَى الْوَاجِبِ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَيْهِ لَكِنْ لَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَجِبَ بِالْتِزَامِ التَّسَلْسُلِ فِيهَا، وَهَذَا بَاطِلٌ أَوْ بِكَوْنِ إضَافَةِ الْإِضَافَةِ عَيْنَ الْأُولَى، وَإِمَّا أَنْ لَا يَجِبَ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَقَّ هَذَا فَإِنَّ إيقَاعَ الْحَرَكَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَمَعَ ذَلِكَ أَوْقَعَهَا الْفَاعِلُ تَرْجِيحًا لِأَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ، ثُمَّ الْحَرَكَةُ أَيْ الْحَالَةُ الْمَذْكُورَةُ تَجِبُ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِيقَاعِ إذْ لَوْ لَمْ تَجِبْ فَوُجُودُهَا رُجْحَانٌ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَلَا يَلْزَمُ فِي الْإِيقَاعِ الرُّجْحَانُ بِلَا مُرَجِّحٍ أَيْ الْوُجُودُ بِلَا

ــ

[التلويح]

لَا يَكُونُ بِوُجُودِ شَيْءٍ كَمَا إذَا تَعَلَّقَتْ الْإِرَادَةُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ انْقَطَعَتْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا جُعِلَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ دَاخِلَةً فِي الْوُجُودِ يُرَدُّ، وَمَنَعَ لُزُومَ قِدَمِ الْحَوَادِثِ أَوْ انْتِفَاءَ الْوَاجِبِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ عِلَّةِ الْحَادِثِ مَوْجُودَاتٍ مَحْضَةً إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِانْسِيَاقِ الذِّهْنِ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ يَجِبُ بِوَاسِطَةِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْوَاجِبِ؛ وَلِأَنَّ الْوَاقِعَ دُخُولُ الْمَعْدُومِ فِي جُمْلَةِ مَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ وُجُودُ الْحَادِثِ ضَرُورَةَ افْتِقَارِهِ إلَى عَدَمِ الْمَانِعِ، وَاعْلَمْ أَنَّنِي لَوْ لَمْ أَزِدْهُ فِي شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ، عَلَى تَقْدِيرِ هَذَا الْبَابِ، بَلْ عَلَى تَوْجِيهِ هَذَا السُّؤَالِ، وَالْجَوَابِ، لَكَفَى فَلَقَدْ رَاجَعْت فِيهِ كَثِيرًا مِنْ الْحُذَّاقِ فَمَا زَادُوا عَلَى إتْعَابِ النَّوَاظِرِ، وَالْأَحْدَاقِ، وَأَنَّنِي لَوْ اقْتَدَيْت بِالْمُصَنِّفِ فِي الْإِشَارَةِ إلَى مَا تَفَرَّدْت بِهِ لَطَالَ الْكَلَامُ، وَكَثُرَ الْمَلَامُ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلْمَرَامِ.

(قَوْلُهُ: فَيَثْبُتُ) أَيْ لَمَّا ثَبَتَ الدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ سَالِمًا عَنْ النَّقْضِ ثَبَتَ تَوَقُّفُ وُجُودِ الْحَوَادِثِ عَلَى أُمُورٍ لَيْسَتْ بِمَوْجُودَةٍ، وَلَا مَعْدُومَةٍ، وَتِلْكَ الْأُمُورُ مُمْكِنَةٌ فَيَجِبُ اسْتِنَادُهَا إلَى عِلَّةٍ لَا مُحَاوَلَةٍ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِنَادُهَا إلَى الْوَاجِبِ بِطَرِيقِ الْإِيجَابِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُنْتَفِيَةً فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ لَزِمَ انْتِفَاءُ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الصَّادِرَ عَنْ الشَّيْءِ بِطَرِيقِ الْإِيجَابِ يَكُونُ لَازِمًا لَهُ، وَعَدَمُ اللَّازِمِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْمَلْزُومِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَنْفِيَّةً فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ لَزِمَ قِدَمُ الْحَادِثِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى الْوَاجِدِ بِوَاسِطَةِ الْإِيقَاعِ الَّذِي لَا يَنْتَفِي فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ فَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَى أُمُورٍ أُخَرَ مَوْجُودَةٍ قُلْنَا الْكَلَامُ فِي تِلْكَ الْأُمُورِ كَمَا فِي هَذَا الْحَادِثِ، وَيَلْزَمُ قِدَمُهَا فَيَثْبُتُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تَسْتَنِدُ إلَى الْوَاجِبِ بِطَرِيقِ الْإِيجَابِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اسْتِغْنَاؤُهَا عَنْ الْوَاجِبِ بَلْ لَا شَكَّ أَنَّهَا مُفْتَقِرَةٌ إلَيْهِ بِلَا وَاسِطَةٍ كَإِيجَادِ الْمَعْلُولِ الْأَوَّلِ مَثَلًا أَوْ بِوَاسِطَةِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْوَاجِبِ لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ، وَالِاخْتِيَارِ دُونَ الْوُجُوبِ إذْ لَوْ كَانَ اسْتِنَادُهَا إلَى الْوَاجِبِ بِوَاسِطَةِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>