للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعَمْرٍو أُمُورٌ لَا مَوْجُودَةٌ، وَلَا مَعْدُومَةٌ كَالْإِضَافِيَّاتِ فَإِنْ فُسِّرَ الْمَوْجُودُ بِمَا يَنْدَرِجُ فِيهِ الْإِضَافِيَّاتُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ يَجِبُ بِوَاسِطَةِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْوَاجِبِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ، وَهَلُمَّ جَرًّا إلَى الْوَاجِبِ، وَإِنْ فُسِّرَ بِمَا لَا يَنْدَرِجُ فِيهِ الْإِضَافِيَّاتُ فِي الْمَوْجُودِ بَلْ فِي الْمَعْدُومِ لَا نُسَلِّمُ حِينَئِذٍ أَنَّ زَوَالَ كُلِّ مَعْدُومٍ لَا يَكُونُ إلَّا بِوُجُودِ شَيْءٍ فَإِنَّ الْإِضَافِيَّاتِ الْوُجُودِيَّةِ مَعْدُومَةٌ فِي الْخَارِجِ، وَزَوَالُهَا لَا يَكُونُ بِوُجُودِ شَيْءٍ فَثَبَتَ تَوَقُّفُ الْمَوْجُودَاتِ الْحَادِثَةِ عَلَى أُمُورٍ لَا مَوْجُودَةٍ، وَلَا مَعْدُومَةٍ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِنَادُ تِلْكَ الْأُمُورِ إلَى الْوَاجِبِ بِطَرِيقِ الْإِيجَابِ؛ لِأَنَّهُ

ــ

[التلويح]

مَطْلُوبِكَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ لَا يَصْدُرُ عَمَّنْ لَهُ أَدْنَى تَمَيُّزٍ فَكَيْفَ يُنْسَبُ هَذَا إلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ عَلَمُ التَّحْقِيقِ، وَعَالِمُ التَّدْقِيقِ، وَمَنْشَأُ التَّوْجِيهِ، وَالتَّوْضِيحِ، وَمَنْشَأُ التَّعْدِيلِ، وَالتَّنْقِيحِ بَلْ تَوْجِيهُ السُّؤَالِ: إنَّ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى امْتِنَاعِ كَوْنِ عِلَّةِ الْحَادِثِ مَوْجُودَاتٌ مَحْضَةٌ أَوْ مَعْدُومَاتٌ مَحْضَةٌ أَوْ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ، وَالْمَعْدُومَاتِ دَالٌّ بِعَيْنِهِ عَلَى امْتِنَاعِ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا أُمُورٌ لَا مَوْجُودَةٌ، وَلَا مَعْدُومَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْدُومِ نَقِيضُ الْمَوْجُودِ أَيْ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ النَّقِيضَيْنِ فَتِلْكَ الْأُمُورُ إمَّا ثَابِتَةٌ فَتَكُونُ مَوْجُودَةً أَوْ لَا فَتَكُونُ مَعْدُومَةً فَالْمُرَكَّبُ مِنْهَا، وَمِنْ غَيْرِهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودَاتٍ مَحْضَةً أَوْ مَعْدُومَاتٍ مَحْضَةً أَوْ مُرَكَّبَةً مِنْ الْمَوْجُودَاتِ، وَالْمَعْدُومَاتِ، وَالْكُلُّ بَاطِلٌ بِعَيْنِ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الدَّلِيلِ فَأَجَابَ بِأَنَّ دَلِيلَنَا لَا يَجْرِي فِيمَا ذَكَرْتُمْ لِوُرُودِ الْمَنْعِ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ الْقَائِلَةِ: بِأَنَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ الَّذِي يَنْعَدِمُ عَمْرٌو بِزَوَالِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مَحْضًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِزَوَالِ الْعَدَمِ مَدْخَلٌ فِي زَوَالِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَدْخُلَ فِي عِلَّةِ وُجُودِ عَمْرٍو أُمُورٌ لَا مَوْجُودَةٌ، وَلَا مَعْدُومَةٌ بِزَعْمِنَا كَالْإِيقَاعِ، وَالِاخْتِيَارِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْإِضَافِيَّاتِ فَإِنْ جَعَلْتُمُوهَا دَاخِلَةً فِي الْمَوْجُودَةِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ مُمْكِنٌ فَهُوَ وَاجِبٌ بِالنَّظَرِ إلَى عِلَّتِهِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْوَاجِبِ حَتَّى يَلْزَمَ مِنْ انْعِدَامِهِ انْعِدَامُ عِلَّتِهِ مُنْتَهِيًا إلَى الْوَاجِبِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْمَوْجُودَاتِ الِاخْتِيَارُ الَّذِي مِنْ شَأْنِ الْإِيقَاعِ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَلِّلَ الِاخْتِيَارَ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَ الْوُجُودُ بِلَا إيجَادٍ بَلْ لَا يَلْزَمُ إلَّا تَرْجِيحُ الْمُخْتَارِ أَحَدَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ، وَاسْتِحَالَتُهُ مَمْنُوعَةٌ، وَإِنْ جَعَلْتُمُوهَا دَاخِلَةً فِي الْمَعْدُومِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ زَوَالَ كُلِّ مَعْدُومٍ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِزَوَالِ الْعَدَمِ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ وُجُودِ شَيْءٍ مَا حَتَّى يَلْزَمَ مِنْ زَوَالِ ذَلِكَ الْجُزْءِ الْمَعْدُومِ الَّذِي هُوَ إضَافِيٌّ زَوَالُ الْعَدَمِ بِمَعْنَى وُجُودِ بَكْرٍ مَثَلًا يَلْزَمُ الْخُلْفُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِضَافِيَّاتِ الَّتِي لَا يَدْخُلُ الْعَدَمُ فِي مَفْهُومَاتِهَا كَالْأُبُوَّةِ، وَالْأُخُوَّةِ، وَالْإِيقَاعِ، وَتَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ، وَالْإِرَادَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ كُلُّهَا مَعْدُومَةٌ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَزَوَالُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>