الْحُكْمِ ثَابِتًا بِالْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالثَّانِي مَا يَكُونُ لَهُ مَدْخَلٌ فِي لُحُوقِ مَا هُوَ مَبْحُوثٌ عَنْهُ كَكَوْنِهِ مُتَعَلِّقًا بِفِعْلِ الْبَالِغِ أَوْ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ. وَالثَّالِثُ مَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَالْأَوَّلُ يَكُونُ مَحْمُولًا فِي الْقَضَايَا الَّتِي هِيَ مَسَائِلُ هَذَا الْعِلْمِ وَالثَّانِي أَوْصَافًا وَقُيُودًا لِمَوْضُوعِ تِلْكَ الْقَضَايَا، وَقَدْ يَقَعُ مَوْضُوعًا وَقَدْ يَقَعُ مَحْمُولًا كَقَوْلِنَا الْحُكْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعِبَادَةِ يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَنَحْوُ الْعُقُوبَةِ لَا تَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ وَنَحْوُ زَكَاةِ الصَّبِيِّ عِبَادَةٌ. وَأَمَّا الثَّالِثُ مِنْ كِلَا الْقِسْمَيْنِ بِمَعْزِلٍ عَنْ هَذَا الْعِلْمِ وَعَنْ مَسَائِلِهِ.
(وَيَلْحَقُ بِهِ الْبَحْثُ عَمَّا يَثْبُتُ بِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ، وَهُوَ الْحُكْمُ وَعَمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ رَاجِعٌ إلَى الْبَحْثِ الْمَدْلُولِ فِي قَوْلِهِ فَيَبْحَثُ عَمَّا يَثْبُتُ أَيْ عَنْ أَحْوَالِ مَا يَثْبُتُ وَقَوْلُهُ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ بِالْحُكْمِ، وَهُوَ الْحَاكِمُ وَالْمَحْكُومُ بِهِ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ وَيَلْحَقُ بِهِ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنْ يَذْكُرَ مَبَاحِثَ الْحُكْمِ بَعْدَ مَبَاحِثِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ مَوْضُوعَ هَذَا الْعِلْمِ الْأَدِلَّةُ وَالْأَحْكَامُ. وَالثَّانِي أَنَّ مَوْضُوعَ هَذَا الْعِلْمِ الْأَدِلَّةُ فَقَطْ وَإِنَّمَا يَبْحَثُ عَنْ الْأَحْكَامِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ لَوَاحِقِ هَذَا الْعِلْمِ فَإِنَّ أُصُولَ الْفِقْهِ هِيَ أَدِلَّةُ الْفِقْهِ، ثُمَّ أُرِيدَ بِهِ الْعِلْمُ بِالْأَدِلَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُثْبِتَةٌ لِلْحُكْمِ فَالْمَبَاحِثُ النَّاشِئَةُ عَنْ الْحُكْمِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خَارِجَةٌ عَنْ هَذَا الْعِلْمِ وَهِيَ مَسَائِلُ قَلِيلَةٌ تُذْكَرُ عَلَى أَنَّهَا لَوَاحِقُ وَتَوَابِعُ لِمَسَائِلِ هَذَا الْعِلْمِ كَمَا أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَنْطِقِ التَّصَوُّرَاتُ وَالتَّصْدِيقَاتُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُوَصِّلَةٌ إلَى تَصَوُّرٍ وَتَصْدِيقٍ فَمُعْظَمُ مَسَائِلِ الْمَنْطِقِ رَاجِعٌ إلَى أَحْوَالِ الْمُوَصِّلِ وَإِنْ كَانَ يَبْحَثُ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ النُّدْرَةِ عَنْ أَحْوَالِ التَّصَوُّرِ الْمُوَصِّلِ إلَيْهِ كَالْبَحْثِ
ــ
[التلويح]
لِلْأَدِلَّةِ وَالْعَوَارِضِ الَّتِي لِلْأَحْكَامِ، وَذَلِكَ كَالْإِمْكَانِ وَالْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ وَالْبَسَاطَةِ وَالتَّرْكِيبِ وَكَوْنُ الدَّلِيلِ جُمْلَةً اسْمِيَّةً أَوْ فِعْلِيَّةً ثُلَاثِيَّةً مُفْرَدَاتُهُ أَوْ رَبَاعِيَةً مُعْرَبَةً أَوْ مَبْنِيَّةً إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْإِثْبَاتِ وَالثُّبُوتِ فَلَا يُبْحَثُ عَنْهَا فِي الْأُصُولِ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ النَّجَّارَ يَنْظُرُ فِي الْخَشَبِ مِنْ جِهَةِ صَلَابَتِهِ وَرَخَاوَتِهِ وَرِقَّتِهِ وَغِلَظِهِ وَاعْوِجَاجِهِ وَاسْتِقَامَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِصِنَاعَتِهِ لَا مِنْ جِهَةِ إمْكَانِهِ وَحُدُوثِهِ وَتَرَكُّبِهِ وَبَسَاطَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (أَنْ يَذْكُرَ مَبَاحِثَ الْحُكْمِ بَعْدَ مَبَاحِثِ الْأَدِلَّةِ) ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ مُقَدَّمٌ بِالذَّاتِ وَالْبَحْثُ عَنْهُ أَهَمُّ فِي فَنِّ الْأُصُولِ.
قَوْلُهُ (كَمَا أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَنْطِقِ التَّصَوُّرَاتُ وَالتَّصْدِيقَاتُ) ؛ لِأَنَّهُ يَبْحَثُ عَنْ أَحْوَالِ التَّصَوُّرِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حَدٌّ أَوْ رَسْمٌ فَيُوَصِّلُ إلَى تَصَوُّرٍ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ جِنْسٌ أَوْ فَصْلٌ أَوْ خَاصَّةٌ فَيُرَكَّبُ مِنْهَا حَدٌّ أَوْ رَسْمٌ وَعَنْ أَحْوَالِ التَّصْدِيقِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حُجَّةٌ تُوَصِّلُ إلَى تَصْدِيقٍ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَضِيَّةٌ أَوْ عَكْسُ قَضِيَّةٍ أَوْ نَقِيضٌ فَيُؤَلِّفُ مِنْهَا حُجَّةً وَبِالْجُمْلَةِ جَمِيعُ مَبَاحِثِهِ رَاجِعَةٌ إلَى الْإِيصَالِ وَمَا لَهُ دَخْلٌ فِي الْإِيصَالِ وَقَدْ يَقَعُ الْبَحْثُ عَنْ أَحْوَالِ التَّصَوُّرِ الْمُوَصِّلِ إلَيْهِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَسِيطًا لَا يُحَدُّ، وَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا مِنْ الْجِنْسِ وَالْفَصْلِ يُحَدُّ، وَإِنْ كَانَ لَهُ خَاصَّةٌ لَازِمَةٌ بَيِّنَةٌ يَرْسُمُ وَإِلَّا فَلَا وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute