كَامِلٌ لَا نُقْصَانَ فِيهِ قَطْعًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ كَامِلًا فَإِذَا فَسَدَ الْوَقْتُ بِالطُّلُوعِ يَكُونُ مُؤَدِّيًا كَمَا وَجَبَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ عَبَدَةَ الشَّمْسِ يَعْبُدُونَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَالْعِبَادَةُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ مُشَابِهَةٌ لِعِبَادَةِ الشَّمْسِ فَلِهَذَا وَرَدَ النَّهْيُ وَعِبَادَةُ الشَّمْسِ إنَّمَا هِيَ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ فَقَبْلَ الطُّلُوعِ وَقْتٌ كَامِلٌ وَلَا كَذَلِكَ قَبْلَ الْغُرُوبِ.
(فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ أَنْ يَفْسُدَ الْعَصْرُ إذَا شَرَعَ فِيهِ فِي الْجُزْءِ الصَّحِيحِ وَمَدَّهَا إلَى أَنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ قُلْنَا لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا جَازَ لَهُ شَغْلُ كُلِّ الْوَقْتِ فَيُعْفَى الْفَسَادُ الَّذِي يَتَّصِلُ بِالْبِنَاءِ) الْبِنَاءُ هُنَا ضِدُّ الِابْتِدَاءِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ الْكَامِلِ، وَالْفَسَادُ الَّذِي اعْتَرَضَ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ جُعِلَ عُذْرًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْهُ مَعَ الْإِقْبَالِ عَلَى الصَّلَاةِ مُتَعَذِّرٌ لَكِنَّ هَذَا يُشْكِلُ بِالْفَجْرِ، يَعْنِي مِنْ شَرْعِ فِي الْفَجْرِ وَمَدُّهَا إلَى أَنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْسُدَ كَمَا فِي الْعَصْرِ إذَا شَرَعَ فِي الْوَقْتِ الْكَامِلِ، وَمَدُّهَا إلَى أَنْ غَرَبَتْ، فَإِنَّ الصُّورَتَيْنِ الشُّرُوعُ فِي الْوَقْتِ الْكَامِلِ فَالْفَسَادُ الْمُعْتَرِضُ فِي الْعَصْرِ أَنْ جُعِلَ عَفْوًا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ فِي الْفَجْرِ عَفْوًا بِعَيْنِ تِلْكَ الْعِلَّةِ هَذَا إشْكَالٌ اخْتَلَجَ
ــ
[التلويح]
قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ انْتِفَاءَ السَّبَبِيَّةِ عَنْ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ اتِّصَالِ الْأَدَاءِ بِهِ، وَإِنَّمَا الْمُنْتَفَى عَنْهُ تَقَرُّرُ السَّبَبِيَّةِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي الِانْتِقَالَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ سَبَبٌ عَلَى طَرِيقِ التَّرْتِيبِ وَالِانْتِقَالِ لَكِنَّ تَقَرُّرَ السَّبَبِيَّةِ مَوْقُوفٌ عَلَى اتِّصَالِ الْأَدَاءِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ أَوْ تَوَقُّفُ السَّبَبِيَّةِ عَلَى الْأَدَاءِ، وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْوُجُوبِ الْمَوْقُوفِ عَلَى السَّبَبِيَّةِ يَلْزَمُ الدَّوْرُ، وَكَذَا مَا يُقَالُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ الْوُجُوبُ مَا لَمْ يَشْرَعْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَفَسَادُهُ بَيِّنٌ.
(قَوْلُهُ وَمَدَّهَا) أَيْ صَلَاةَ الْعَصْرِ إلَى أَنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَيْ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهَا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِيَتَحَقَّقَ اعْتِرَاضُ الْفَسَادِ إذْ لَوْ حَصَلَ الْفَرَاغُ مَعَ الْغُرُوبِ لَمْ يَكُنْ فَسَادًا.
(قَوْلُهُ قُلْنَا لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ) كَلِمَةُ لَمَّا لَيْسَتْ فِي مَوْقِعِهَا إذْ لَا مَعْنَى لِسَبَبِيَّةِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي، وَعِبَارَةُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ الْوَقْتَ مُتَّسَعًا، وَلَكِنْ جَعَلَ لَهُ حَقَّ شُغْلِ كُلِّ الْوَقْتِ بِالْأَدَاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَسَادَ الَّذِي يَعْتَرِضُ عَلَى مَا وَجَبَ بِسَبَبٍ كَامِلٍ كَمَا فِي الْفَجْرِ أَوْ نَاقِصٍ كَمَا فِي الْعَصْرِ، وَيَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مَعَ الْإِتْيَانِ بِالْعَزِيمَةِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ هُوَ وُقُوعُ بَعْضِ الْأَدَاءِ خَارِجَ الْوَقْتِ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ صَرَّحَ بِاعْتِرَاضِ الْفَسَادِ بِالْغُرُوبِ عَلَى مَا ابْتَدَأَ فِي وَقْتِ الِاحْمِرَارِ، وَوَجْهُ تَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ أَنْ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْعَبْدِ أَنْ يَقَعَ فَرَاغُهُ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ تَمَامِ الْوَقْتِ مُقَارِنًا بَلْ لَا يَحْصُلُ التَّيَقُّنُ بِشُغْلِ كُلِّ الْوَقْتِ بِالْأَدَاءِ إلَّا بِامْتِدَادِ الْأَدَاءِ إلَى التَّيَقُّنِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، وَأَمَّا عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَوْمِ فَهُوَ وُقُوعُ بَعْضِ الْأَدَاءِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ كَمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَمَا قَبْلَ الْمَغْرِبِ لَا مُجَرَّدُ وُقُوعِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute