فِي خَاطِرِي، وَلَمْ أَذْكُرْ لَهُ جَوَابًا فِي الْمَتْنِ فَيَخْطِرُ بِبَالِي عَنْهُ جَوَابٌ، وَهُوَ أَنَّ فِي الْعَصْرِ لَمَّا كَانَ لَهُ شُغْلٌ فِي الْوَقْتِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُؤَدِّيَ الْبَعْضَ فِي الْوَقْتِ الْكَامِلِ وَالْبَعْضَ فِي الْوَقْتِ النَّاقِصِ، وَهُوَ وَقْتُ الِاحْمِرَارِ فَاعْتَرَضَ الْفَسَادُ بِالْغُرُوبِ عَلَى الْبَعْضِ النَّاقِصِ فَلَا تَفْسُدُ، وَأَمَّا فِي الْفَجْرِ فَإِنَّ كُلَّ وَقْتِهِ كَامِلٌ فَيَجِبُ أَدَاءُ الْكُلِّ فِي الْوَقْتِ الْكَامِلِ، فَإِنْ شَغَلَ كُلَّ الْوَقْتِ يَجِبُ أَنْ يَشْغَلَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْتَرِضُ الْفَسَادُ بِالطُّلُوعِ عَلَى الْكَامِلِ.
(وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ فَكُلُّ الْوَقْتِ سَبَبٌ فِي حَقِّ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْكُلِّ إلَى الْجُزْءِ فِي الْأَدَاءِ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَقَدْ انْتَفَتْ هُنَا) هَذَا الْبَحْثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ أَنَّ بَعْضَ الْوَقْتِ سَبَبٌ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَدَاءِ أَمَّا إذَا لَمْ يُؤَدِّ فِي الْوَقْتِ فَفِي حَقِّ الْقَضَاءِ كُلُّ الْوَقْتِ سَبَبٌ؛ لِأَنَّ الدَّلَائِلَ دَالَّةٌ عَلَى سَبَبِيَّةِ كُلِّهِ لَكِنْ فِي الْأَدَاءِ عَدَلْنَا عَنْ سَبَبِيَّةِ الْكُلِّ إلَى سَبَبِيَّةِ الْبَعْضِ لِضَرُورَةٍ، وَهِيَ أَنَّهُ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ التَّقَدُّمُ عَلَى السَّبَبِ أَوْ تَأَخُّرُ الْأَدَاءِ عَنْ الْوَقْتِ، وَهَذِهِ الضَّرُورَةُ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ فِي الْقَضَاءِ.
(فَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِصِفَةِ الْكَمَالِ) أَيْ لَا نَقُولُ إنَّهُ إذْ لَمْ يُؤَدِّ فِي الْوَقْتِ انْتَقَلَتْ السَّبَبِيَّةُ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ
ــ
[التلويح]
بَعْدَ الْوَقْتِ، إذْ لَا فَسَادَ فِيهِ لِمَا ذَكَرَ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ هُوَ أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الْوَقْتِ فِي الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ أَوْ الْعِشَاءِ فَأَتَمَّ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَانَ ذَلِكَ أَدَاءً لَا قَضَاءً، وَظَاهِرٌ أَنَّ شُغْلَ كُلِّ الْوَقْتِ بِالْأَدَاءِ بِدُونِ هَذَا الْفَسَادِ مُمْتَنِعٌ فِي الْعَصْرِ دُونَ الْفَجْرِ بِلَا إشْكَالٍ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ إشْكَالِ الْفَجْرِ بِأَنَّ الْعَصْرَ يَخْرُجُ إلَى مَا هُوَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، بِخِلَافِ الْفَجْرِ أَوْ بِأَنَّ فِي الطُّلُوعِ دُخُولًا فِي الْكَرَاهَةِ وَفِي الْغُرُوبِ خُرُوجًا عَنْهَا، وَأَمَّا جَوَابُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ شُغْلَ كُلِّ الْوَقْتِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْتَرِضُ الْفَسَادَ بِالطُّلُوعِ عَلَى الْكَامِلِ مُتَعَذِّرٌ عِنْدَهُ عَلَى مَا مَرَّ، فَعِنْدَ الْإِتْيَانِ بِالْعَزِيمَةِ أَعْنِي شُغْلَ كُلِّ الْوَقْتِ بِالْأَدَاءِ يَلْزَمُ احْتِمَالُ اعْتِرَاضِ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إلَى أَنَّ لَيْسَ مَعْنَى سَبَبِيَّةِ الْجُزْءِ الْمُتَّصِلِ بِالْأَدَاءِ أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي قُبَيْلَ الشُّرُوعِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فَكُلُّ جُزْءٍ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الْجُزْءِ الَّذِي يُلَاقِيهِ وَمَحَلٌّ لِأَدَائِهِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ أَصْلُ السُّؤَالِ فِي الْعَصْرِ الْمُمْتَدِّ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ بِالْغُرُوبِ وَجَبَ بِسَبَبٍ نَاقِصٍ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ) فَالسَّبَبُ كُلُّ الْوَقْتِ فِي حَقِّ الْقَضَاءِ إذْ فِي حَقِّ الْأَدَاءِ السَّبَبُ هُوَ الْجُزْءُ الْمُلَاصِقُ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، إذْ لَوْ كَانَ السَّبَبُ فِي حَقِّ الْأَدَاءِ أَيْضًا جَمِيعَ الْوَقْتِ لَمَا ثَبَتَ الْوُجُوبُ فِي الْوَقْتِ، وَلَمْ يَأْثَمْ الْمُكَلَّفُ بِالتَّرْكِ عَلَى مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ فَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِصِفَةِ الْكَمَالِ) حَتَّى لَا يَجُوزَ قَضَاءُ الْعَصْرِ الْفَائِتِ بِحَيْثُ يَقَعُ شَيْءٌ مِنْهُ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَإِنْ قِيلَ السَّبَبُ، وَهُوَ كُلُّ الْوَقْتِ نَاقِصٌ بِنُقْصَانِ الْبَعْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ قُلْنَا: لَمَّا صَارَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ ثَبَتَ بِصِفَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute