للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَاحِقَةٍ لِأَجْلِ الْحَيْثِيَّتَيْنِ وَلَا يُبْحَثُ عَنْ الْحَيْثِيَّتَيْنِ وَالْوَاقِعُ خِلَافُ ذَلِكَ وَمِنْهَا أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ مَوْضُوعًا لِلْعِلْمَيْنِ أَقُولُ هَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، بَلْ وَاقِعٌ فَإِنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ يَكُونُ لَهُ أَعْرَاضٌ مُتَنَوِّعَةٌ فَفِي كُلِّ عِلْمٍ يُبْحَثُ عَنْ بَعْضٍ مِنْهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ.

ــ

[التلويح]

الْحَيْثِيَّةِ وَبِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلْنَا الْحَيْثِيَّةَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي أَيْضًا قَيْدًا لِلْمَوْضُوعِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَوْمِ لَا بَيَانًا لِلْأَعْرَاضِ الذَّاتِيَّةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَكُنْ الْبَحْثُ عَنْهَا فِي الْعِلْمِ بَحْثًا عَنْ أَجْزَاءِ الْمَوْضُوعِ وَلَمْ يَلْزَمْنَا مَا لَزِمَ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَشَارُكِ الْعِلْمَيْنِ فِي مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَارِ نَعَمْ يَرِدُ الْإِشْكَالُ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا تَكُونَ الْحَيْثِيَّةُ مِنْ الْأَعْرَاضِ الْمَبْحُوثِ عَنْهَا فِي الْعِلْمِ ضَرُورَةَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا تَعْرِضُ لِلْمَوْضُوعِ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهَا وَإِلَّا لَزِمَ تَقَدُّمُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ ضَرُورَةَ أَنَّ مَا بِهِ يَعْرِضُ الشَّيْءُ لِلشَّيْءِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْعَارِضِ مَثَلًا لَيْسَتْ الصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ مِمَّا يَعْرِضُ لِبَدَنِ الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ يَصِحُّ وَيَمْرَضُ وَلَا الْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ مِمَّا يَعْرِضُ لِلْجِسْمِ مِنْ حَيْثُ يَتَحَرَّكُ وَيَسْكُنُ، وَالْمَشْهُورُ فِي جَوَابِهِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ حَيْثُ إمْكَانُ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِذَلِكَ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ الْأَعْرَاضِ وَالْمَبْحُوثِ عَنْهَا فِي الْعِلْمِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمَوْضُوعَ لَمَّا كَانَ عِبَارَةً عَنْ الْمَبْحُوثِ فِي الْعِلْمِ عَنْ أَعْرَاضِهِ الذَّاتِيَّةِ قُيِّدَ بِالْحَيْثِيَّةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْبَحْثَ عَنْ الْعَوَارِضِ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْحَيْثِيَّةِ وَبِالنَّظَرِ إلَيْهَا أَيْ يُلَاحَظُ فِي جَمِيعِ الْمَبَاحِثِ هَذَا الْمَعْنَى الْكُلِّيُّ لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّ جَمِيعَ الْعَوَارِضِ الْمَبْحُوثِ عَنْهَا يَكُونُ لُحُوقُهَا لِلْمَوْضُوعِ بِوَاسِطَةِ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ أَلْبَتَّةَ.

قَوْلُهُ (وَمِنْهَا أَنَّ الْمَشْهُورَ) الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي جَوَازِ تَشَارُكِ الْعُلُومِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَارِ وَكَمَا خَالَفَ الْقَوْمَ فِي جَوَازِ تَعَدُّدِ الْمَوْضُوعِ لِعِلْمٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ خَالَفَهُمْ فِي امْتِنَاعِ اتِّحَادِ الْمَوْضُوعِ لِعُلُومٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَادَّعَى جَوَازَهُ، بَلْ وُقُوعَهُ أَمَّا الْجَوَازُ فَلِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ أَعْرَاضٌ ذَاتِيَّةٌ مُتَنَوِّعَةٌ أَيْ مُخْتَلِفَةٌ بِالنَّوْعِ يَبْحَثُ فِي عِلْمٍ عَنْ بَعْضِ أَنْوَاعِهَا، وَفِي عِلْمٍ آخَرَ عَنْ بَعْضٍ آخَرَ فَيَتَمَايَزُ الْعِلْمَانِ بِالْأَعْرَاضِ الْمَبْحُوثِ عَنْهَا، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَوْضُوعُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اتِّحَادَ الْعِلْمِ وَاخْتِلَافَهُ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمَعْلُومَاتِ أَعْنِي الْمَسَائِلَ وَكَمَا تَتَّحِدُ الْمَسَائِلُ بِاتِّحَادِ مَوْضُوعَاتِهَا بِأَنْ يَرْجِعَ الْجَمِيعُ إلَى مَوْضُوعِ الْعِلْمِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا كَذَلِكَ تَتَّحِدُ بِاتِّحَادِ مَحْمُولَاتِهَا بِأَنْ يَرْجِعَ الْجَمِيعُ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْأَعْرَاضِ الذَّاتِيَّةِ لِلْمَوْضُوعِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا فَكَمَا اُعْتُبِرَ اخْتِلَافُ الْعُمُومِ بِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعَاتِ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِاخْتِلَافِ الْمَحْمُولَاتِ بِأَنْ يُؤْخَذَ مَوْضُوعٌ وَاحِدٌ بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَارِ وَيُجْعَلَ الْبَحْثُ عَنْ بَعْضِ أَعْرَاضِهِ الذَّاتِيَّةِ عِلْمًا وَعَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ عِلْمًا آخَرَ فَيَكُونَانِ عِلْمَيْنِ مُتَشَارِكَيْنِ فِي الْمَوْضُوعِ مُتَمَايِزَيْنِ فِي الْمَحْمُولِ.

وَأَمَّا الْوُقُوعُ فَلِأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَجْسَامَ الْعَالَمِ وَهِيَ الْبَسَائِطُ مَوْضُوعَ عِلْمِ الْهَيْئَةِ مِنْ حَيْثُ الشَّكْلُ وَمَوْضُوعُ عِلْمِ السَّمَاءِ وَالْعَالَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>