للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْعِ بِهِ) ، وَلَا يَجُوزُ إذْنُ الشَّرْعِ بِالْقَتْلِ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْحُرْمَةِ ثَابِتَةٌ فِيهِ بِنَاءً عَلَى تَرْكِ التَّرَوِّي، وَلِهَذَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا مَحْضًا لَمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ، وَهَذَا دَلِيلٌ تَفَرَّدْت بِإِيرَادِهِ، وَهَذَا أَقْوَى دَلِيلٍ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ.

وَالشَّافِعِيَّةُ حَمَلُوا الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِهِ: {إِلا خَطَأً} [النساء: ٩٢] عَلَى الْمُنْقَطِعِ فِرَارًا عَنْ هَذَا لَكِنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْمُتَّصِلُ (وَأَمَّا كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَأَيْضًا لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ تَوْحِيدًا تَامًّا (فَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْكُفَّارِ كَانُوا أَشْرَكُوا، وَفِي عُقُولِهِمْ وُجُودُ الْإِلَهِ ثَابِتٌ فَسِيقَ لِنَفْيِ الْغَيْرِ ثُمَّ يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُودُهُ تَعَالَى إشَارَةً عَلَى الثَّانِي) أَيْ: عَلَى الْمَذْهَبِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجٌ قَبْلَ الْحُكْمِ ثُمَّ حُكْمٌ عَلَى الْبَاقِي، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ وُجُودَهُ تَعَالَى يَثْبُتُ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْإِلَهَ ثُمَّ أَخْرَجَ اللَّهَ تَعَالَى ثُمَّ حَكَمَ عَلَى الْبَاقِي بِالنَّفْيِ يَكُونُ إشَارَةً إلَى

ــ

[التلويح]

يَضُرَّ لِجَوَازِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ لِعَدَمِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ جَوَازُ كُلِّ صَلَاةٍ بِطُهُورٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِأَنَّ مِثْلَ قَوْلِنَا مَا كَتَبْت إلَّا بِالْقَلَمِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ بِالْقَلَمِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ الْكِتَابَةُ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا أَقْوَى دَلِيلٍ) لِلْخَصْمِ أَنْ يَمْنَعَ كَوْنَهُ دَلِيلًا إذْ لَا دَلَالَةَ مَعَ احْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ وَكَوْنُ الْأَصْلِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ الِاتِّصَالُ لَا يُفِيدُ لِجَوَازِ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ الْأَصْلِ بِقَرِينَةِ عَدَمِ ظُهُورِ مَا يَصْلُحُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ إلَّا خَطَأً مَفْعُولٌ أَوْ حَالٌ أَوْ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ فَيَكُونُ مُفَرَّغًا، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُفَرَّغُ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُعْرَبٌ عَلَى حَسَبِ الْعَوَامِلِ فَيَكُونُ مِنْ تَمَامِ الْكَلَامِ، وَيَفْتَقِرُ إلَى تَقْدِيرِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ عَامٍّ مُنَاسِبٍ لَهُ فِي جِنْسِهِ وَوَصْفِهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا كِلْمَةُ التَّوْحِيدِ) جَوَابٌ عَنْ الْحُجَّةِ الثَّالِثَةِ وَتَقْرِيرُهُ ظَاهِرٌ فَإِنْ قِيلَ لُزُومُ وُجُودِهِ تَعَالَى بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ اعْتِرَافٌ بِمَذْهَبِ الْخَصْمِ فَإِنَّهُ لَا يَدَّعِي أَنَّهُ يُفِيدُ الْإِثْبَاتَ بِطَرِيقِ الْعِبَارَةِ بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ السَّوْقُ لِأَجْلِهِ بَلْ يَدَّعِي أَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ وَلُزُومُ وُجُودِهِ تَعَالَى بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِيرَ الدَّهْرِيُّ النَّافِي لِلصَّانِعِ مُؤْمِنًا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.

أُجِيبَ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ هُوَ اطِّرَادُ هَذَا الْحُكْمِ أَعْنِي كَوْنَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا، وَثُبُوتُهُ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُوجِبُ الِاطِّرَادَ لِانْتِفَائِهِ فِي مِثْلِ «لَا صَلَاةَ إلَّا بِطُهُورٍ» ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ مَبْنَى الْأَمْرِ عَلَى الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ عَمَلًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» الْحَدِيثَ.

(قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ) حَاوَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ بِوُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّا قَاطِعُونَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَآلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مَعْنَاهُ الْإِفْرَادِيِّ، وَالْمُفْرَدُ لَا يُقْصَدُ بِجُزْءٍ مِنْهُ الدَّلَالَةُ عَلَى جُزْءٍ مَعْنَاهُ الثَّانِي أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ قَانُونِ لُغَةِ الْعَرَبِ إذْ لَمْ يُعْهَدْ مُرَكَّبٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ، وَلَا مُرَكَّبٌ أُعْرِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>