مُرَكَّبٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ) أَيْ: الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمُسْتَثْنَى بَلْ عُهِدَ لَفْظٌ مُرَكَّبٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ كَبَعْلَبَكَّ (وَمُرَكَّبٌ أُعْرِبَ فِي وَسَطِهِ ضَعِيفٌ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مَوْضُوعٌ مِثْلَ بَعْلَبَكَّ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ مَعْنَاهُ مُطَابِقٌ لِمَعْنَى السَّبْعَةِ مَثَلًا فَيَكُونُ هُنَاكَ وَضْعٌ كُلِّيٌّ) أَيْ: وَضْعُ الْوَاضِعِ اللَّفْظَ الَّذِي اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ الْبَاقِي وَضْعًا كُلِّيًّا لَا وَضْعًا جُزْئِيًّا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَضْعَ عَلَى نَوْعَيْنِ وَضْعٌ جُزْئِيٌّ كَوَضْعِ اللُّغَاتِ وَوَضْعٌ كُلِّيٌّ كَالْأَوْضَاعِ التَّصْرِيفِيَّةِ وَالنَّحْوِيَّةِ فَفِي الْأَوْضَاعِ الْجُزْئِيَّةِ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الْعَرَبِيَّةِ لَفْظٌ مُرَكَّبٌ مِنْ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ مَعَ أَنَّهُ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ نَحْوَ شَابَ قَرْنَاهَا، وَبَرَقَ نَحْرُهُ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَإِنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ الْعَبْدِ وَاللَّامِ وَرَحْمَنِ لَكِنْ فِي الْأَوْضَاعِ الْكُلِّيَّةِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ فِي مَعْنَى الْمُرَكَّبِ مِنْ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ يُطَابِقُ مَعْنَى الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنَّ مَنْ لَهُ يَدٌ فِي الْإِيجَازِ وَالْإِطْنَابِ يَسْهُلُ عَلَيْهِ أَنْ يُفِيدَ مَعْنَى الْكَلِمَاتِ الْكَثِيرَةِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُفِيدَ مَعْنَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِكَلِمَاتٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّ لَفْظَ إنْسَانٍ وَحَيَوَانٍ
ــ
[التلويح]
الْمُفْرَدَاتِ جُزْءًا مِنْ الْكَلِمَةِ فَيَمْتَنِعُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَيْهِ بَلْ يَكُونُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ عَوْدِهِ إلَى الْمُبْتَدَأِ فِي مِثْلِ زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ مَعَ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمُرَكَّبِ الْمَوْضُوعِ بِالنَّوْعِ.
وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَافِي فِي الْإِخْرَاجِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُفِيدُهُ أَدَاةُ الِاسْتِثْنَاءِ، وَالْمَعَانِي الْإِفْرَادِيَّةُ لَيْسَتْ مَهْجُورَةً فِي الْمَوْضُوعَاتِ النَّوْعِيَّةِ، وَأَقُولُ أَمَّا الْمَنْعُ فَجَوَابُهُ الِاسْتِقْرَاءُ وَنَقْلُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَأَمَّا النَّقْضُ بِمِثْلِ شَابَ قَرْنَاهَا فَمَدْفُوعٌ بِمَا ذُكِرَ فِي الْكَشَّافِ جَوَابًا عَمَّا قِيلَ: إنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ التَّسْمِيَةُ بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ فَصَاعِدًا فَكَيْفَ تَكُونُ الْكَلِمَاتُ الْمُتَهَجَّى بِهَا أَسْمَاءً لِلصُّوَرِ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ التَّسْمِيَةَ بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ فَصَاعِدًا مُسْتَنْكَرَةٌ لَعَمْرِي وَخُرُوجٌ عَنْ كَلَامِ الْعَرَبِ لَكِنْ إذَا جُعِلَتْ اسْمًا وَاحِدًا عَلَى طَرِيقَةِ حَضْرَمَوْتَ، وَأَمَّا غَيْرُ مُرَكَّبَةٍ مَنْثُورَةٌ نَثْرَ أَسْمَاءِ الْعَدَدِ، فَلَا اسْتِنْكَارَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التَّسْمِيَةِ بِمَا حَقُّهُ أَنْ يُحْكَى حِكَايَةً كَمَا سُمُّوا بِتَأَبَّطَ شَرًّا وَبَرَقَ نَحْرُهُ وَشَابَ قَرْنَاهَا وَكَمَا لَوْ سُمِّيَ بِزَيْدٌ مُنْطَلِقٌ وَبِبَيْتٍ مِنْ الشِّعْرِ، وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ مِثْلَ عَشْرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً لَيْسَ مَحْكِيًّا بَلْ مُعْرَبًا بِحَسْبِ الْعَوَامِلِ.
وَأَمَّا النَّقْضُ بِمِثْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ حَيْثُ أُعْرِبَ فِي وَسَطِهِ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَدْ احْتَرَزَ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ، وَلَا يُعْرَبُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ غَيْرُ مُضَافٍ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ خَفِيَ هَذَا عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَأَمَّا الْحَلُّ فَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ التَّنَاقُضِ الْمُتَوَهَّمِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ حَيْثُ أُسْنِدَ الْحُكْمُ إلَى الْكُلِّ وَأُخْرِجَ الْبَعْضُ فَالْقَوْلُ بِكَوْنِ الْمُرَكَّبِ مَوْضُوعًا لِلْبَاقِي وَضْعًا كُلِّيًّا لَيْسَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَقَعُ فِيهِ اخْتِلَافٌ أَوْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلًا لِلْمَذْهَبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَكِنَّهُ لَا يَفِي بِالْمَقْصُودِ؛ لِأَنَّ الْمُفْرَدَاتِ حِينَئِذٍ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعَانِيهَا الْإِفْرَادِيَّةِ فَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْعَشَرَةِ فِي قَوْلِنَا لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute