الْكَلَامُ بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ إلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَالْمُشْتَرَكِ كَمَا سَيَأْتِي، وَهَذَا مَا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَوَّلُ فِي وُجُوهِ النَّظْمِ صِيغَةً وَلُغَةً
(ثُمَّ بِاعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِ) هَذَا هُوَ التَّقْسِيمُ الثَّانِي فَيَنْقَسِمُ اللَّفْظُ بِاعْتِبَارِ الِاسْتِعْمَالِ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَوْضُوعِ لَهُ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَمَا يَجِيءُ.
(ثُمَّ بِاعْتِبَارِ ظُهُورِ الْمَعْنَى عَنْهُ وَخَفَائِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا) ، وَهَذَا مَا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالثَّانِي فِي وُجُوهِ الْبَيَانِ بِذَلِكَ النَّظْمِ، وَإِنَّمَا جَعَلْت هَذَا التَّقْسِيمَ ثَالِثًا وَاعْتِبَارُ الِاسْتِعْمَالِ ثَانِيًا عَلَى عَكْسِ مَا أَوْرَدَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ مُقَدَّمٌ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى وَخَفَائِهِ.
(ثُمَّ فِي كَيْفِيَّةِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ) ، وَهَذَا مَا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالرَّابِعُ: فِي وُجُوهِ الْوُقُوفِ عَلَى أَحْكَامِ النَّظْمِ.
(التَّقْسِيمُ الْأَوَّلُ) أَيْ: الَّذِي بِاعْتِبَارِ وَضْعِ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى.
(اللَّفْظُ إنْ وُضِعَ لِلْكَثِيرِ وَضْعًا مُتَعَدِّدًا فَمُشْتَرَكٌ) كَالْعَيْنِ مَثَلًا وُضِعَ تَارَةً لِلْبَاصِرَةِ، وَتَارَةً لِلذَّهَبِ، وَتَارَةً لِعَيْنِ الْمِيزَانِ.
(أَوْ وَضْعًا
ــ
[التلويح]
وَالْمَبْنِيِّ، وَتَارَةً إلَى الْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إمَّا مُعْرَبٌ أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْجَمْعَ أَقْسَامًا مُتَقَابِلَةً لَكَفَى فِيهَا الِاخْتِلَافُ بِالْحَيْثِيَّاتِ، وَالِاعْتِبَارَاتِ كَمَا فِي أَقْسَامِ التَّقْسِيمِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ لَفْظَ الْعَيْنِ مَثَلًا عَامٌّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَفْرَادِ الْبَاصِرَةِ، وَمُشْتَرَكٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وُضِعَ لِلْبَاصِرَةِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا التَّقْسِيمُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ وَهَذَا مَا قَالَ) عَبَّرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَنْ التَّقْسِيمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ فِي وُجُوهِ النَّظْمِ صِيغَةً، وَلُغَةً، فَقِيلَ الصِّيغَةُ وَاللُّغَةُ مُتَرَادِفَانِ وَالْمَقْصُودُ وَاحِدٌ وَهُوَ تَقْسِيمُ النَّظْمِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ نَفْسِهِ لَا بِاعْتِبَارِ الْمُتَكَلِّمِ وَالسَّامِعِ وَالْأَقْرَبُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ هِيَ الْهَيْئَةُ الْعَارِضَةُ لِلَّفْظِ بِاعْتِبَارِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ وَتَقْدِيمِ بَعْضِ الْحُرُوفِ عَلَى بَعْضٍ وَاللُّغَةُ هِيَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ وَالْمُرَادُ بِهَا هَاهُنَا مَادَّةُ اللَّفْظِ، وَجَوْهَرُ حُرُوفِهِ بِقَرِينَةِ انْضِمَامِ الصِّيغَةِ إلَيْهَا وَالْوَاضِعُ كَمَا عَيَّنَ حُرُوفَ ضَرَبَ بِإِزَاءِ الْمَعْنَى الْمَخْصُوصِ عَيَّنَ هَيْئَتَهُ بِإِزَاءِ مَعْنَى الْمُضِيِّ، فَاللَّفْظُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهُ إلَّا بِوَضْعِ الْمَادَّةِ وَالْهَيْئَةِ فَعَبَّرَ بِذِكْرِهِمَا عَنْ وَضْعِ اللَّفْظِ وَعَبَّرَ عَنْ التَّقْسِيمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ فِي وُجُوهِ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ النَّظْمِ وَجَرَيَانِهِ فِي بَابِ الْبَيَانِ أَيْ: فِي طُرُقِ اسْتِعْمَالِهِ مِنْ أَنَّهُ فِي الْمَوْضُوعِ لَهُ فَيَكُونُ حَقِيقَةً أَوْ فِي غَيْرِهِ فَيَكُونُ مَجَازًا أَوْ فِي طَرِيقِ جَرَيَانِ النَّظْمِ فِي بَيَانِ الْمَعْنَى وَإِظْهَارِهِ مِنْ أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْوُضُوحِ فَيَكُونُ صَرِيحًا أَوْ بِطَرِيقِ الِاسْتِتَارِ فَيَكُونُ كِنَايَةً وَعَنْ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ فِي وُجُوهِ الْبَيَانِ بِذَلِكَ النَّظْمِ أَيْ: فِي طُرُقِ إظْهَارِ الْمَعْنَى وَمَرَاتِبِهِ، وَعَنْ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ فِي مَعْرِفَةِ وُجُوهِ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ وَالْمَعَانِي أَيْ: مَعْرِفَةِ طُرُقِ اطِّلَاعِ الْمَسَامِعِ عَلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ وَمَعَانِي الْكَلَامِ بِأَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْعِبَارَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا.
(قَوْلُهُ التَّقْسِيمُ الْأَوَّلُ) اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَضْعُهُ لِكَثِيرٍ، أَوْ لِوَاحِدٍ وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَضْعُهُ لِلْكَثِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute