للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ اللَّهِ بِالتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ، وَإِثْبَاتُ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ بَيْنِ التَّكْبِيرِ وَالتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِبَعْضِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَعْضِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ التَّعْظِيمَ فَكُلُّ لَفْظٍ فِيهِ التَّعْظِيمُ يَكُونُ فِي مَعْنَى اللَّهُ أَكْبَرُ.

وَقَوْلُهُ فَأَدَاءُ الْقِيمَةِ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ دَفْعِ الْقِيَمِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ فِيهِ وَفِي مَسْأَلَةِ التَّكْبِيرِ مَعْنًى مُشْتَرَكًا، وَهُوَ كَوْنُهُمَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ فَلِذَلِكَ جَمَعَهُمَا فِي سِلْكٍ وَاحِدٍ.

(وَاسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَيَجُوزُ بِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهَا) اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ أُورِدَ الْإِشْكَالُ عَلَى قَوْله تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨] وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمَاءُ طَهُورٌ» فَغَيْرُ وَارِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَاءِ لَيْسَ بِطَهُورٍ، وَإِنْ أُورِدَ عَلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «حُتِّيهِ وَاقْرُصِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ» فَوَارِدٌ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ لَيْسَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَلْقَى الثَّوْبَ النَّجِسَ أَوْ قَطَعَ مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ بِالْمِقْرَاضِ سَقَطَ عَنْهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ، وَلَوْ كَانَ اسْتِعْمَالُهُ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ لَمْ يَسْقُطْ بِدُونِ الْعُذْرِ لَكِنَّ الْوَاجِبَ إزَالَةُ الْعَيْنِ النَّجِسَةِ.

(وَإِنَّمَا لَا يَزُولُ الْحَدَثُ) بِسَائِرِ الْمَائِعَاتِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَعْقُولٍ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ الْمَاءُ بِخِلَافِ الْخَبَثِ فَإِنَّ إزَالَتَهُ مَعْقُولَةٌ وَلَا يَضُرُّ أَنْ يَلْزَمَهَا أَمْرٌ غَيْرُ مَعْقُولٍ دَفْعًا لِلْحَرَجِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَتَنَجَّسَ كُلُّ مَا يَصِلُ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَاءَ مُطَهِّرٌ طَبْعًا فَيَزُولُ بِهِ كِلَاهُمَا وَغَيْرُهُ كَالْخَلِّ مَثَلًا قَالِعٌ يَزُولُ بِهِ الْخَبَثُ لَا الْحَدَثُ، فَإِنْ قِيلَ لَمَّا كَانَ إزَالَةُ الْحَدَثِ غَيْرَ

ــ

[التلويح]

سَوَاءٌ صَرَفَ أَوْ لَمْ يَصْرِفْ فَبِالصَّرْفِ إلَى الْبَعْضِ لَا يَتَغَيَّرُ كَوْنُ الْكُلِّ مَصَارِفَ.

وَإِنَّمَا يَلْزَمُ التَّغْيِيرُ لَوْ كَانَ اللَّامُ لِلتَّمْلِيكِ فَيُفِيدُ أَنَّ الزَّكَاةَ مِلْكٌ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ فَيَكُونُ صَرْفُهَا إلَى الْبَعْضِ صَرْفَ مِلْكِ الشَّخْصِ إلَى غَيْرِهِ ثُمَّ تَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَخْلُو عَنْ ضَعْفٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ أَنَّ بُطْلَانَ الْجَمْعِيَّةِ وَثُبُوتَ الْحَمْلِ عَلَى الْجِنْسِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الِاسْتِغْرَاقِ فَلَا مَعْنَى لِتَعْلِيلِ عَدَمِ إمْكَانِ أَنْ يُرَادَ بِالْفُقَرَاءِ الْجَمِيعُ بِبُطْلَانِ الْجَمْعِيَّةِ أَوَّلًا وَبِتَعَذُّرِ الِاسْتِغْرَاقِ ثَانِيًا فَفِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحٌ، وَأَيْضًا الْمَطْلُوبُ هَاهُنَا جَوَازُ الصَّرْفِ إلَى بَعْضِ الْأَصْنَافِ وَهَذَا لَا يَتَفَاوَتُ بِكَوْنِ الْفُقَرَاءِ لِلْجَمْعِيَّةِ أَوْ لِلْجِنْسِيَّةِ فَلَا مَدْخَلَ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْفُقَرَاءَ لِلْجِنْسِ فِي إثْبَاتِ كَوْنِ اللَّامِ لِلْعَاقِبَةِ دُونَ التَّمْلِيكِ لِجَوَازِ أَنْ يَلْتَزِمَ الْخَصْمُ بُطْلَانَ الْجَمْعِيَّةِ لِلْجِنْسِ، وَيَدَّعِيَ كَوْنَ الزَّكَاةِ مِلْكًا لِلْأَجْنَاسِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا مَدْفَعَ لَهُ إلَّا مَا ذَكَرْنَا.

(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ هَذَا) أَيْ: تَوْزِيعُ جَمِيعِ الصَّدَقَاتِ عَلَى جَمِيعِ الْفُقَرَاءِ يَلْزَمُ بُطْلَانُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِ الصَّرْفِ إلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ كُلِّ صِنْفٍ بَلْ إلَى جَمْعٍ مِنْهَا فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَانَ الْمَعْنَى كُلَّ صَدَقَةٍ لِكُلِّ فَقِيرٍ، وَهَذَا أَظْهَرُ بُطْلَانًا فَلِمَ عَدَلَ إلَى تَوْزِيعِ الْجَمْعِ عَلَى الْجَمْعِ قُلْتُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَدَّعِي أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِغْرَاقِ الشُّمُولُ وَالْإِحَاطَةُ بِمَعْنَى الْمَجْمُوعِ فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>