الصِّغَرَ عِلَّةً لِلْوِلَايَةِ بِخِلَافِ الْبَكَارَةِ وَأَيْضًا قُلْنَا صَوْمُ رَمَضَانَ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يَجِبُ التَّعْيِينُ وَقَدْ ظَهَرَ تَأْثِيرُهُ) أَيْ تَأْثِيرُ الْمُتَعَيَّنِ فِي عَدَمِ التَّعْيِينِ
(فِي الْوَدَائِعِ وَالْمَغْصُوبِ) فَإِنَّ رَدَّ الْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ وَغَيْرُ هَذَا وَلَمَّا كَانَ هَذَا الرَّدُّ مُتَعَيَّنًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعْيِينُهُ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا الرَّدُّ هُوَ رَدُّ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ رَدَّهَا مُطْلَقًا يُصْرَفُ إلَى الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَهُوَ رَدُّ الْوَدِيعَةِ
(وَفِي النَّقْلِ) فَإِنَّهُ إذَا نَوَى فِي غَيْرِ رَمَضَانَ صَوْمًا مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إلَى النَّقْلِ لَتَعَيُّنِهِ فَفِي رَمَضَانَ يَنْصَرِفُ إلَى صَوْمِ رَمَضَانَ لِتَعَيُّنِهِ
(فَإِنَّ فَرْضَ رَمَضَانَ فِيهِ كَالنَّقْلِ فِي غَيْرِهِ
ــ
[التلويح]
أَبَدًا وَلَمْ تَفْرُغْ لِلصَّلَاةِ قَطْعًا وَفِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ ثُمَّ مَجَجْتَهُ أَكَانَ يَضُرُّكَ» ، لِعَدَمِ قَضَاءِ الشَّهْوَتَيْنِ أَثَرٌ فِي عَدَمِ انْتِقَاضِ الصَّوْمِ فَكَمَا أَنَّ الْمَضْمَضَةَ مُقَدِّمَةُ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَلَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْأَكْلِ كَذَلِكَ الْقُبْلَةُ مُقَدِّمَةُ شَهْوَةِ الْفَرْجِ وَلَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْجِمَاعِ لَا صُورَةً لِعَدَمِ إيلَاجِ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ، وَلَا مَعْنًى لِعَدَمِ الْإِنْزَالِ فَفِي الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ التَّأْثِيرُ بِمَعْنَى اعْتِبَارِ النَّوْعِ أَوْ الْجِنْسِ الْقَرِيبِ.
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهَا) أَيْ وَكَغَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ أَقْيِسَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَقْيِسَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ «أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ ثُمَّ مَجَجْتَهُ أَكُنْتَ شَارِبَهُ» كَذَا أَوْرَدَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَغَايَةُ تَقْرِيرِهِ أَنَّ هَذَا تَعْلِيلٌ بِمَعْنًى مُؤَثِّرٍ وَهُوَ أَنَّ الصَّدَقَةَ مُطَهِّرَةُ الْأَوْزَارِ وَالْآثَامِ فَكَانَتْ وَسَخًا بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَكَمَا أَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ أَخْذٌ بِمَعَالِي الْأُمُورِ فَكَذَلِكَ حُرْمَةُ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ تَعْظِيمٌ لَهُمْ وَإِكْرَامٌ وَاخْتِصَاصٌ بِمَعَالِي الْأُمُورِ، وَكَمَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَاحْتَجَّ كُلُّ فَرِيقٍ بِتَمْثِيلٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى مَعْنًى مُؤَثِّرٍ هُوَ الْقَرَابَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ الِاتِّصَالُ بِالْمَيِّتِ بِطَرِيقِ الْجُزْئِيَّةِ فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّمَا مَثَلُ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ مَثَلُ شَجَرَةٍ أَنْبَتَتْ غُصْنًا ثُمَّ تَفَرَّعَ عَنْ الْغُصْنِ فَرْعَانِ فَالْقُرْبُ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْقُرْبِ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ وَالْأَصْلِ لِأَنَّ الْغُصْنَ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ وَالْأَصْلِ وَاسِطَةٌ، وَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ فَهَذَا يَقْتَضِي رُجْحَانَ الْأَخِ عَلَى الْجَدِّ إلَّا أَنَّ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ وَالْأَصْلِ جُزْئِيَّةً وَبَعْضِيَّةً لَيْسَتْ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ نَفْسِهِمَا فَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَرْجِيحٌ فَاسْتَوَيَا وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَثَلُ الْجَدِّ مَعَ الْأَخَوَيْنِ كَمَثَلِ نَهْرٍ يَنْشَعِبُ مِنْ وَادٍ ثُمَّ يَتَشَعَّبُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ جَدْوَلٌ وَمَثَلُ الْأَخَوَيْنِ كَمَثَلِ نَهْرَيْنِ يَنْشَعِبَانِ مِنْ وَادٍ فَالْقُرْبُ بَيْنَ النَّهْرَيْنِ الْمُتَشَعِّبَيْنِ مِنْ الْوَادِي أَكْثَرُ مِنْ الْقُرْبِ بَيْنَ الْوَادِي وَالْجَدْوَلِ بِوَاسِطَةِ النَّهْرِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَلَا يَتَّقِي اللَّهَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَجْعَلُ ابْنَ الِابْنِ ابْنًا، وَلَا يَجْعَلُ أَبَ الْأَبِ أَبًا اعْتَبَرَ أَحَدَ طَرَفَيْ الْقَرَابَةِ وَهُوَ طَرَفُ الْأَصَالَةِ بِالطَّرَفِ الْآخَرِ وَهُوَ الْجُزْئِيَّةُ فِي الْقُرْبِ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) الْأَصْلِ وَهُوَ اعْتِبَارُ التَّأْثِيرِ جُزْئِيًّا فِي أَقْيِسَتِنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute