للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ احْتَجُّوا بِالتَّقْسِيمِ فِيهِ) أَيْ عَلَى الْعِلِّيَّةِ فِي الْقِيَاسِ

(وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْعِلَّةُ إمَّا هَذَا أَوْ هَذَا أَوْ هَذَا وَالْأَخِيرَانِ بَاطِلَانِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاصِرًا لَا يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ حَاصِرًا بِأَنْ يُثْبِتَ عَدَمَ عِلِّيَّةِ الْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي رَدَّدَ فِيهَا

(بِالْإِجْمَاعِ مَثَلًا) إنَّمَا قَالَ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُثْبِتَ عَدَمَ عِلِّيَّةِ الْغَيْرِ بِالنَّصِّ

(بَعْدَمَا ثَبَتَ تَعْلِيلُ هَذَا النَّصِّ يُقْبَلُ كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْوِلَايَةِ، إمَّا الصِّغَرُ أَوْ الْبَكَارَةُ فَهَذَا إجْمَاعٌ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَاهُمَا وَبِتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ وَهُوَ أَنْ يُبَيِّنَ عَدَمَ عِلِّيَّةِ الْفَارِقِ لِيُثْبِتَ عِلِّيَّةَ الْمُشْتَرَكِ) الْفَارِقُ هُوَ الْوَصْفُ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْأَصْلِ دُونَ الْفَرْعِ وَالْمُشْتَرَكُ هُوَ الْوَصْفُ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِمَا

(وَعُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِهَذَيْنِ فَإِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ قَبُولِهِمَا يَكُونُ مَرْجِعُهُمَا إلَى النَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ

ــ

[التلويح]

فِي الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَعَلَّلْنَا بِالْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ فَإِنَّ لِلْمَسْحِ أَثَرًا فِي التَّخْفِيفِ فَإِنَّهُ أَيْسَرُ مِنْ الْغَسْلِ وَيَتَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اسْتِيعَابُ الْمَحَلِّ كَمَا فِي الْمَغْسُولَاتِ بِخِلَافِ الرُّكْنِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهَا فِي التَّكْرَارِ وَإِبْطَالِ التَّخْفِيفِ وَكَوْنِ التَّثْلِيثِ سُنَّةً اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الرُّكْنِيَّةَ تُنْبِئُ عَنْ الْقُوَّةِ وَالْحَصَانَةِ وَوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ فَيُنَاسِبُ التَّكْرَارَ لِيَحْصُلَ بِالْيَقِينِ أَوْ بِظَنٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ.

وَكَذَا الصِّغَرُ مُؤَثِّرٌ فِي إثْبَاتِ الْوِلَايَةِ فَإِنَّ وِلَايَةَ النِّكَاحِ لَمْ تُشْرَعُ إلَّا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ عَجْزِهِ عَنْ مُبَاشَرَةِ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ فِي الصِّغَرِ دُونَ الْبَكَارَةِ، وَكَذَا تَعْيِينُ الصَّوْمِ الْفَرْضِ فِي رَمَضَانَ مُؤَثِّرٌ فِي إسْقَاطِ وُجُوبِ التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْعَادَةِ، وَتَعْيِينُهَا إنَّمَا هُوَ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْجِهَاتِ الْمُتَزَاحِمَةِ فَحَيْثُ لَا تَزَاحُمَ لَا حَاجَةَ إلَى التَّعْيِينِ بِخِلَافِ الْفَرْضِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ تَأْثِيرُهَا فِي إيجَابِ التَّعْيِينِ.

(قَوْلُهُ: وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ) قَدْ اشْتَهَرَ فِيمَا بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ وَهُوَ حَصْرُ الْأَوْصَافِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْأَصْلِ الصَّالِحَةِ لِلْعِلِّيَّةِ فِي عَدَدٍ، ثُمَّ إبْطَالُ عِلِّيَّةِ بَعْضِهَا لِتَثْبُتَ عِلِّيَّةُ الْبَاقِي فَيَكُونَ هُنَاكَ مَقَامَانِ أَحَدُهُمَا بَيَانُ الْحَصْرِ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ بَحَثْتُ فَلَمْ أَجِدْ سِوَى هَذِهِ الْأَوْصَافِ وَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ عَدَالَتَهُ وَتَدَيُّنَهُ مِمَّا يُغَلِّبُ ظَنَّ عَدَمِ غَيْرِهِ إذْ لَوْ وُجِدَ لَمَا خَفِيَ عَلَيْهِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغَيْرِ وَحِينَئِذٍ لِلْمُعْتَرِضِ أَنْ يُبَيِّنَ وَصْفًا آخَرَ وَعَلَى الْمُسْتَدِلِّ أَنْ يُبْطِلَ عِلِّيَّتَهُ وَإِلَّا لَمَا ثَبَتَ الْحَصْرُ فِيمَا أَحْصَاهُ فَيَلْزَمُ انْقِطَاعُهُ. وَثَانِيهِمَا إبْطَالُ عِلِّيَّةِ بَعْضِ الْأَوْصَافِ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ أَيْضًا الظَّنُّ وَذَلِكَ بِوُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ وُجُودُ الْحُكْمِ بِدُونِهِ فِي صُورَةٍ فَلَوْ اسْتَقَلَّ بِالْعِلِّيَّةِ لَانْتَفَى الْحُكْمُ بِانْتِفَائِهِ.

الثَّانِي كَوْنُ الْوَصْفِ مِمَّا عُلِمَ إلْغَاؤُهُ فِي الشَّرْعِ إمَّا مُطْلَقًا كَاخْتِلَافٍ بِالطُّولِ وَالْقِصَرِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُكْمِ الْمَبْحُوثِ فِيهِ كَالِاخْتِلَافِ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي الْعِتْقِ.

الثَّالِثُ عَدَمُ ظُهُورِ الْمُنَاسَبَةِ فَيَكْفِي لِلْمُسْتَدِلِّ أَنْ يَقُولَ بَحَثْتُ فَلَمْ أَجِدْ لَهُ مُنَاسَبَةً، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ ظُهُورِ عَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>