للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ هَذَا أَيْ التَّعْلِيلِ بِوَجْهٍ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ هَذَا الْقَلْبُ

(أَنْ لَا يُذْكَرَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيلِ بَلْ يُسْتَدَلُّ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا عَلَى وُجُودِ الْآخَرِ إذَا ثَبَتَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا نَحْوُ: مَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ إذَا صَحَّ كَالْحَجِّ) فَتَجِبُ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ بِالشُّرُوعِ تَطَوُّعًا وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالُوا الْحَجُّ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فَنَقُولُ الْغَرَضُ الِاسْتِدْلَال مِنْ لُزُومِ الْمَنْذُورِ عَلَى لُزُومِ مَا شَرَعَ لِثُبُوتِ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا بَلْ الشُّرُوعُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ رِعَايَةُ مَا هُوَ سَبَبُ الْقُرْبَةِ وَهُوَ النَّذْرُ

(فَلَأَنْ يَجِبَ رِعَايَةُ مَا هُوَ الْقُرْبَةُ أَوْلَى وَنَحْوُ الثَّيِّبُ الصَّغِيرَةُ يُوَلَّى عَلَيْهَا فِي مَالِهَا فَكَذَا فِي نَفْسِهَا كَالْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ) فَيَثْبُتُ إجْبَارُ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

(فَقَالُوا إنَّمَا يُوَلَّى عَلَى الْبِكْرِ فِي مَالِهَا؛ لِأَنَّهُ يُوَلَّى فِي نَفْسِهَا فَنَقُولُ الْوِلَايَةُ شُرِعَتْ لِلْحَاجَةِ، وَالنَّفْسُ وَالْمَالُ وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ فِيهَا سَوَاءٌ) أَيْ لَا نَقُولُ إنَّ الْوِلَايَةَ فِي الْمَالِ عِلَّةٌ لِلْوِلَايَةِ فِي النَّفْسِ بَلْ نَقُولُ كِلْتَاهُمَا شُرِعَتَا لِلْحَاجَةِ فَتَكُونَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فَإِذَا ثَبَتَتْ إحْدَاهُمَا ثَبَتَتْ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ وَاحِدٌ

(وَهَذِهِ الْمُسَاوَاةُ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرُوا) وَهُمَا مَسْأَلَتَا رَجْمِ الْكُفَّارِ وَالْقِرَاءَةِ فِي الشَّفْعِ الْأَخِيرِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ يُمْكِنُ لَنَا فِي مَسْأَلَةِ

ــ

[التلويح]

قَدْ مَسَّتْهَا النَّارُ؛ لِأَنَّهَا مُحْتَرِقَةٌ وَهَذَا الشَّخْصُ مُتَعَفِّنُ الْأَخْلَاطِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُومٌ وَهَذَا الْمُخَلِّصُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَسَاوِي الْحُكْمَيْنِ بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ ثُبُوتُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُسْتَلْزِمًا لِثُبُوتِ الْآخَرِ لِيَصِحَّ الِاسْتِدْلَال كَمَا فِي النَّذْرِ وَالشُّرُوعِ وَكَالْوِلَايَةِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ بِخِلَافِ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ وَبِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالْأُخْرَيَيْنِ فَإِنْ قِيلَ إنْ أُرِيدَ بِالْمُسَاوَاةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَغَيْرُ مُتَصَوَّرٍ كَيْفَ وَالْمَالُ مُبْتَذَلٌ وَالنَّفْسُ مُكَرَّمَةٌ وَإِنْ أُرِيدَ الْمُسَاوَاةُ مِنْ وَجْهٍ فَالْفَرْقُ لَا يَضُرُّ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُسَاوَاةُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي بُنِيَ الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ كَالْحَاجَةِ إلَى التَّصَرُّفِ فِي الْوِلَايَةِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَحَقَّقَ الْحَاجَةُ إلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ كَيْ لَا تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ بِخِلَافِ النَّفْسِ فَإِنَّهَا تَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ أُجِيبُ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالْعَكْسِ فَيُحْتَاجُ فِي النَّفْسِ لِعَدَمِ الْكُفْءِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا يُحْتَاجُ فِي الْمَالِ لِكَثْرَتِهِ فَتَسَاوَيَا.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ قَاصِرَةً لَا يُقْبَلُ) لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلتَّعْدِيَةِ وَذَلِكَ كَمَا إذَا قُلْنَا الْحَدِيدُ بِالْحَدِيدِ مَوْزُونٌ مُقَابَلٌ بِالْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَيُعَارَضُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْلَ هِيَ الثَّمَنِيَّةُ دُونَ الْوَزْنِ وَيُقْبَلُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُعْتَرِضِ إبْطَالُ عِلِّيَّةِ وَصْفِ الْمُعَلِّلِ فَإِذَا بَيَّنَ عِلِّيَّةَ وَصْفٍ آخَرَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا بِالْعِلِّيَّةِ فَلَا يُقْبَلُ وَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءَ عِلَّةٍ فَلَا يَصِحُّ الْجَزْمُ بِالِاسْتِقْلَالِ حَتَّى قَالُوا إنَّ الْوَصْفَ الَّذِي ادَّعَى الْمُعْتَرِضُ عِلِّيَّتَهُ لَوْ كَانَتْ مُتَعَدِّيَةً لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُعْتَرِضِ إثْبَاتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>