للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْبَلُ التَّنْصِيفَ بِالْعَدَدِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا يَحِلُّ لَهَا إلَّا زَوْجٌ وَاحِدٌ، فَلَا يُمْكِنُ تَنْصِيفُ الزَّوْجِ الْوَاحِدِ فَاعْتَبَرْنَا التَّنْصِيفَ بِالْأَحْوَالِ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْحُرَّةِ يَصِحُّ نِكَاحُهَا وَإِنْ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَتْ مُقَارِنَةً لَا يَصِحُّ أَيْضًا تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْأَقْرَاءِ فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ يَصِحُّ لِلْحُرَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِلْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُتَأَخِّرَةً عَنْ الْحُرَّةِ، أَوْ مُقَارِنَةً لَهَا فَيَصِحُّ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الْحُرَّةِ.

وَقَوْلُهُ: كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ كَوْنَ طَلَاقِ الْأَمَةِ اثْنَيْنِ لَيْسَ تَغْلِيبَ الْحُرْمَةِ بَلْ تَغْلِيبَ الْحِلِّ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ مَالِكًا لِلطَّلْقَتَيْنِ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْحِلّ يَكُونُ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ مَالِكًا لِلطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ: وَكَمَا فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ قَوْلَهُ: (وَكَمَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ إنَّ الْمَسْحَ فِي التَّخْفِيفِ أَقْوَى أَثَرًا مِنْ الرُّكْنِ فِي التَّثْلِيثِ وَالثَّانِي قُوَّةُ ثَبَاتِهِ عَلَى الْحُكْمِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ كَثْرَةُ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ هَذَا الْوَصْفَ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَالْمَسْحِ فِي التَّخْفِيفِ فِي كُلِّ تَطْهِيرٍ غَيْرِ مَعْقُولٍ كَالتَّيَمُّمِ وَمَسْحِ الْخُفِّ وَالْجَبِيرَةِ وَالْجَوْرَبِ بِخِلَافِ الرُّكْنِ فَإِنَّ الرُّكْنِيَّةَ لَا تُوجِبُ التَّكْرَارَ كَمَا فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ بَلْ الْإِكْمَالَ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ) أَيْ بِالْإِكْمَالِ، وَهُوَ الِاسْتِيعَابُ.

(وَكَقَوْلِنَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ، فَلَا يَجِبُ التَّعْيِينُ، وَهَذَا الْوَصْفُ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فِي

ــ

[التلويح]

بِالِانْضِمَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ بِالتَّثْلِيثِ، ثُمَّ إلْحَاقُ الْمُقَارَنَةِ بِالتَّأَخُّرِ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ احْتِيَاطًا كَمَا جَعَلَ نِصْفَ الطَّلَاقِ وَاحِدًا مُتَكَامِلًا حَيْثُ جَعَلَ طَلَاقَ الْأَمَةِ ثِنْتَيْنِ لَا وَاحِدَةً احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّ الْحِلَّ كَانَ ثَابِتًا بِيَقِينٍ، فَلَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ التَّيَقُّنِ بِنِصْفِ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ وَذَلِكَ فِي الثِّنْتَيْنِ دُونَ الْوَاحِدَةِ فَالتَّشْبِيهُ بِالطَّلَاقِ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ تَكْمِيلِ النِّصْفِ بِالْوَاحِدَةِ وَجَعَلَ نِصْفَ الثَّلَاثَةِ اثْنَيْنِ لَا فِي جَعْلِ طَلَاقِ الْأَمَةِ ثِنْتَيْنِ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ حَتَّى يَرِدَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ هَذَا تَغْلِيبٌ لِلْحِلِّ دُونَ الْحُرْمَةِ وَسَيَجِيءُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ فِي فَصْلِ الْعَوَارِضِ.

(قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ) يَعْنِي عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ تَأْثِيرِ الرُّكْنِيَّةِ فِي التَّثْلِيثِ فَتَأْثِيرُ الْمَسْحِ فِي التَّخْفِيفِ أَقْوَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْمَسْحِ خُصُوصًا مَسْحَ بَعْضِ الْمَحَلِّ مَعَ إمْكَانِ الْغَسْلِ، أَوْ مَسْحَ الْكُلِّ لَيْسَ إلَّا لِلتَّخْفِيفِ، وَأَمَّا التَّثْلِيثُ، فَقَدْ يُوجَدُ بِدُونِ الرُّكْنِيَّةِ كَمَا فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِيمَانِ) هُوَ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ يَعْنِي لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ التَّعْيِينِ فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ يُعَيِّنَ أَنَّهُ يُؤَدِّي الْفَرْضَ مَعَ أَنَّهُ أَقْوَى الْفُرُوضِ بَلْ عَلَى أَيْ وَجْهٍ يَأْتِي بِهِ يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ لِكَوْنِهِ مُتَعَيِّنًا غَيْرَ مُتَنَوِّعٍ إلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَتَصْحِيحُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَعَ عَلَى الْأَيْمَانِ بِالْفَتْحِ جَمْعِ يَمِينٍ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) كَتَصَدُّقِ النِّصَابِ عَلَى الْفَقِيرِ بِدُونِ نِيَّةِ الزَّكَاةِ وَكَإِطْلَاقِ النِّيَّةِ فِي الْحَجِّ.

(قَوْلُهُ: تَحْقِيقًا لِلْجَبْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>