للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآخَرِ، فَهُوَ رُكْنٌ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ مُؤَثِّرًا فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْقِيَاسِ فَعِلَّةٌ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ مُوَصِّلًا إلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ فَسَبَبٌ وَإِلَّا فَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ وُجُودُهُ فَشَرْطٌ وَإِلَّا فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَدُلَّ عَلَى وُجُودِهِ فَعَلَامَةٌ. وَأَمَّا الرُّكْنُ فَمَا يَقُومُ بِهِ الشَّيْءُ وَقَدْ شَنَّعَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى أَصْحَابِنَا فِيمَا قَالُوا: الْإِقْرَارُ رُكْنٌ زَائِدٌ وَالتَّصْدِيقُ رُكْنٌ أَصْلِيٌّ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ)

أَيْ الْإِقْرَارُ (رُكْنًا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْمُرَكَّبِ كَمَا تَنْتَفِي الْعَشَرَةُ بِانْتِفَاءِ الْوَاحِدِ فَنَقُولُ الرُّكْنُ الزَّائِدُ شَيْءٌ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فِي وُجُودِ الْمُرَكَّبِ لَكِنْ إنْ عُدِمَ بِنَاءً عَلَى ضَرُورَةٍ جَعَلَ الشَّارِعُ عَدَمَهُ

ــ

[التلويح]

النَّجَاسَةِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ بَعْدَمَا فَسَّرَ رُكْنَ الشَّيْءِ بِمَا هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ لَا مَعْنَى لِتَفْسِيرِهِ بِمَا يَقُومُ بِهِ الشَّيْءُ؛ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ بِالْأَخْفَى مَعَ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْحَالُ كَالْجَوْهَرِ لِلْعَرَضِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ شَنَّعَ بَعْضُ النَّاسِ) . وَجْهُ التَّشْنِيعِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَنَا رُكْنٌ زَائِدٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِنَا رُكْنٌ لَيْسَ بِرُكْنٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الرُّكْنِ مَا يَدْخُلُ فِي الشَّيْءِ وَمَعْنَى الزَّائِدِ مَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ بَلْ يَكُونُ خَارِجًا عَنْهُ وَوَجْهُ التَّقَصِّي أَنَّا لَا نَعْنِي بِالزَّائِدِ مَا يَكُونُ خَارِجًا عَنْ الشَّيْءِ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِي الشَّيْءُ بِانْتِفَائِهِ بَلْ نَعْنِي بِهِ مَا لَا يَنْتَفِي بِانْتِفَائِهِ حُكْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَمَعْنَى الرُّكْنِ الزَّائِدِ الْجُزْءُ الَّذِي إذَا انْتَفَى كَانَ حُكْمُ الْمُرَكَّبِ بَاقِيًا بِحَسَبِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ وَذَلِكَ أَنَّ الْجُزْءَ إذَا كَانَ مِنْ الضَّعْفِ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِي حُكْمُ الْمُرَكَّبِ بِانْتِفَائِهِ كَانَ شَبِيهًا بِالْأَمْرِ الْخَارِجِ عَنْ الْمُرَكَّبِ فَسُمِّيَ زَائِدًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْكَيْفِيَّةِ كَالْإِقْرَارِ فِي الْإِيمَانِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ الْكَمِّيَّةِ كَالْأَقَلِّ فِي الْمُرَكَّبِ مِنْهُ، وَمِنْ الْأَكْثَرِ حَيْثُ يُقَالُ: لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ، وَأَمَّا جَعْلُ الْأَعْمَالِ دَاخِلَةً فِي الْإِيمَانِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجْعَلُهَا دَاخِلَةً فِي الْإِيمَانِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ لَا فِي حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي حَقِيقَتِهِ حَتَّى أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا.

فَإِنْ قُلْت: تَمْثِيلُهُ فِي ذَلِكَ بِالْإِنْسَانِ وَأَعْضَائِهِ لَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ الْمُشَخَّصَ الَّذِي يَكُونُ الْيَدُ جُزْءًا مِنْهُ لَا شَكَّ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ الْيَدِ غَايَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَا يَمُوتُ، وَلَا يُسْلَبُ عَنْهُ اسْمُ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَهُوَ غَيْرُ مُضِرٍّ إذْ التَّحْقِيقُ أَنَّ شَيْئًا مِنْ الْأَعْضَاءِ لَيْسَ بِجُزْءٍ مِنْ حَقِيقَةِ الْإِنْسَانِ.

قُلْت: الْمَقْصُودُ بِالتَّمْثِيلِ أَنَّ الرَّأْسَ مَثَلًا جُزْءٌ يَنْتَفِي بِانْتِفَائِهِ حُكْمُ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْحَيَاةِ وَتَعَلُّقُ الْخِطَابِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَالْيَدُ رُكْنٌ لَيْسَ كَذَلِكَ لِبَقَاءِ الْحَيَاةِ وَمَا يَتْبَعُهَا عِنْدَ فَوَاتِ الْيَدِ مَعَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْمُرَكَّبِ الْمُشَخَّصِ تَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ: فِي تَوْجِيهِ الرُّكْنِ الزَّائِدِ إنَّ بَعْضَ الشَّرَائِطِ وَالْأُمُورِ الْخَارِجِيَّةِ قَدْ يَكُونُ لَهُ زِيَادَةُ تَعَلُّقٍ وَاعْتِبَارٍ فِي الشَّيْءِ بِحَيْثُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ جُزْءٍ لَهُ فَيُسَمَّى رُكْنًا مَجَازًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ الزَّائِدِ، أَوْ لَفْظَ الرُّكْنِ مَجَازٌ وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ بِكَلَامِ الْقَوْمِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعِلَّةُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>