للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوَصِّلَةً إلَى الْكَفَّارَةِ، فَلَا تَكُونُ سَبَبًا لَهَا حَقِيقَةً بَلْ مَجَازًا.

(ثُمَّ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ) أَيْ فِي صُورَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ بِالشَّرْطِ (يَصِيرُ الْإِيجَابُ السَّابِقُ عِلَّةً حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْيَمِينِ لِلْكَفَّارَةِ فَإِنَّ الْحِنْثَ عِلَّتُهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ أَسْبَابٌ فِي مَعْنَى الْعِلَلِ حَتَّى أَبْطَلَ التَّعْلِيقَ بِالْمِلْكِ) أَيْ إنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ نَكَحْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ لِعَبْدٍ إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ يَكُونُ بَاطِلًا لِعَدَمِ الْمِلْكِ عِنْدَ وُجُودِ الْعِلَّةِ.

(وَجُوِّزَ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ قَبْلَ الْحِنْثِ) لِجَوَازِ التَّعْجِيلِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ إذَا وُجِدَ السَّبَبُ كَالزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ إذَا وُجِدَ السَّبَبُ، وَهُوَ النِّصَابُ.

(ثُمَّ عِنْدَنَا لِهَذَا الْمَجَازِ شُبْهَةُ الْحَقِيقَةِ) هَذَا الْكَلَامُ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: وَمِنْهُ مَا هُوَ سَبَبٌ مَجَازًا (وَهَذَا يَتَبَيَّنُ فِي أَنَّ التَّنْجِيزَ هَلْ يُبْطِلُ التَّعْلِيقَ أَمْ لَا؟ فَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمِلْكُ وَالْحِلُّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ قَطْعِيَّ الْوُجُودِ لِيَصِحَّ التَّعْلِيقُ شَرَطْنَا وُجُودَهُمَا فِي الْحَالِ لِيَتَرَجَّحَ جَانِبُ الْوُجُودِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَكَمَا لَا يُبْطِلُهُ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُهُ زَوَالُ الْحِلِّ) .

صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ

ــ

[التلويح]

يَنْتَفِي فِيهِ الْإِيصَالُ وَالْإِفْضَاءُ بِاسْمِ الْمَجَازِ وَنَبَّهُوا عَلَى مَجَازِيَّةِ مَا فِيهِ مَعْنَى الْعِلَّةِ بِأَنْ سَمَّوْا السَّبَبَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْعِلَّةِ سَبَبًا حَقِيقِيًّا وَأَيْضًا هَذَا الْقِسْمُ مَجَازٌ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ فَخَصُّوهُ بِاسْمِ الْمَجَازِ وَالْعَلَاقَةُ أَنَّهُ يُؤَوَّلُ إلَى السَّبَبِيَّةِ بِأَنْ يَصِيرَ طَرِيقًا لِلْوُصُولِ إلَى الْحُكْمِ عِنْدَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَآلِ لَا يَصِيرُ سَبَبًا حَقِيقِيًّا بَلْ عِلَّةً عَلَى مَا سَبَقَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ السَّبَبُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: الْعَلَاقَةُ هِيَ مُشَابَهَةُ السَّبَبِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ لَهُ نَوْعَ إفْضَاءٍ إلَى الْحُكْمِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ عِنْدَنَا لِهَذَا الْمَجَازِ) أَيْ لِلْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ الَّذِي سَمَّيْنَاهُ سَبَبًا مَجَازًا يُشْبِهُ الْحَقِيقَةَ أَيْ جِهَةَ كَوْنِهِ عِلَّةً حَقِيقِيَّةً مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ مَجَازٌ مَحْضٌ، وَهَذَا الْخِلَافُ يَظْهَرُ فِي مَسْأَلَةِ إبْطَالِ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ وَتَعْلِيقِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ اسْتِدْلَالَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى عَدَمِ الْإِبْطَالِ أَوَّلًا وَدَلِيلَهُمْ عَلَى الْإِبْطَالِ ثَانِيًا وَجَوَابَهُمْ عَنْ اسْتِدْلَالِ زُفَرَ ثَالِثًا، وَأَمَّا وَجْهُ اسْتِدْلَالِهِ، فَهُوَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وُجُودُ الْمِلْكِ حَالَ وُجُودِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْمِلْكِ حَالَةَ التَّعْلِيقِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ بِالتَّزَوُّجِ. مِثْلُ: إنْ نَكَحْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ بَلْ إنَّمَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ حَالَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِيَظْهَرَ فَائِدَةُ الْيَمِينِ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْيَمِينِ تَأْكِيدُ الْبِرِّ بِإِيجَابِ الْجَزَاءِ فِي مُقَابَلَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ غَالِبَ الْوُجُودِ، أَوْ مُتَحَقِّقَهُ عِنْدَ فَوَاتِ الْبِرِّ لِيَحْمِلَهُ خَوْفُ نُزُولِهِ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْبِرِّ وَذَلِكَ بِقِيَامِ الْمِلْكِ حَالَ وُجُودِ الشَّرْطِ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِالْمِلْكِ كَمَا فِي إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ كَانَ الْمِلْكُ مُتَحَقِّقَ الْوُجُودِ عِنْدَ فَوَاتِ الْبِرِّ فَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْيَمِينِ تَحْقِيقًا، وَإِنْ عَلَّقَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>