للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخُصُّ بِهِ، وَعِنْدَنَا يَثْبُتُ حُكْمُ التَّعَارُضِ فِي قَدْرِ مَا تَنَاوَلَاهُ وَإِنْ كَانَ الْعَامُّ مُتَأَخِّرًا يَنْسَخُ الْخَاصَّ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ الْخَاصُّ مُتَأَخِّرًا، فَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا يَخُصُّهُ، فَإِنْ كَانَ مُتَرَاخِيًا يَنْسَخُهُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ عِنْدَنَا) أَيْ: فِي الْقَدْرِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَامُّ، وَالْخَاصُّ وَلَا يَكُونُ الْخَاصُّ نَاسِخًا لِلْعَامِّ بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ فِي

ــ

[التلويح]

قَطْعِيًّا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّ تَعَارُضَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ بِأَنْ يَدُلَّ أَحَدُهُمَا عَلَى ثُبُوتِ حُكْمٍ، وَالْآخَرُ عَلَى انْتِفَائِهِ، فَإِمَّا أَنْ يُعْلَمَ تَأَخُّرُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ حُمِلَ عَلَى الْمُقَارَنَةِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا فِي الْوَاقِعِ نَاسِخًا لِتَأَخُّرِهِ مُتَرَاخِيًا، وَالْآخَرُ مَنْسُوخًا لِتَقَدُّمِهِ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْجَوَازِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْخَاصُّ فِي الْوَاقِعِ مَوْصُولًا بِالْعَامِّ فَيَكُونَ مُخَصِّصًا لَا نَاسِخًا، وَإِذَا حُمِلَ عَلَى الْمُقَارَنَةِ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُخَصُّ الْعَامُّ بِالْخَاصِّ فِي الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّهُ ظَنِّيٌّ وَالْخَاصُّ قَطْعِيٌّ فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ التَّعَارُضِ وَعِنْدَنَا يَثْبُتُ حُكْمُ التَّعَارُضِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْخَاصُّ، وَالْعَامُّ جَمِيعًا لَا فِي الْقَدْرِ الَّذِي تَفَرَّدَ الْعَامُّ بِتَنَاوُلِهِ فَإِنَّ حُكْمَهُ ثَابِتٌ بِلَا مُعَارِضٍ وَسَيَجِيءُ حُكْمُ تَعَارُضِ النَّصَّيْنِ عِنْدَ الْجَهْلِ بِالتَّارِيخِ مِثَالُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: ٢٣٤] الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ} [الطلاق: ٤] عَلَى رَأْيِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَيَثْبُتُ حُكْمُ التَّعَارُضِ فِي الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا فِي الْحَامِلِ الْمُطَلَّقَةِ، إذْ لَا يَتَنَاوَلُهَا الْأَوَّلُ، وَلَا فِي غَيْرِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، إذْ لَا يَتَنَاوَلُهَا الثَّانِي، فَإِنْ قِيلَ: كُلٌّ مِنْ الْآيَتَيْنِ عَامٌّ قُلْنَا الْمُرَادُ بِالْخَاصِّ هَاهُنَا الْخَاصُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَامِّ بِأَنْ يَتَنَاوَلَ بَعْضَ أَفْرَادِهِ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ خَاصًّا فِي نَفْسِهِ أَوْ عَامًّا مُتَنَاوِلًا لِشَيْءٍ آخَرَ فَيَكُونُ الْعُمُومُ، وَالْخُصُوصُ مِنْ وَجْهٍ كَمَا فِي الْمِثَالِ، أَوْ غَيْرَ مُتَنَاوِلٍ فَيَكُونُ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ مُطْلَقًا كَمَا فِي اُقْتُلُوا الْكَافِرِينَ وَلَا تَقْتُلُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ، فَإِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ فَالْمُتَأَخِّرُ إمَّا الْعَامُّ وَإِمَّا الْخَاصُّ فَعَلَى الْأَوَّلِ الْعَامُّ نَاسِخٌ لِلْخَاصِّ، وَعَلَى الثَّانِي الْخَاصُّ مُخَصِّصٌ لِلْعَامِّ إنْ كَانَ مَوْصُولًا بِهِ وَنَاسِخٌ لَهُ فِي قَدْرِ مَا تَنَاوَلَاهُ إنْ كَانَ مُتَرَاخِيًا عَنْهُ كَمَا فِي الْآيَتَيْنِ عَلَى رَأْيِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ} [الطلاق: ٤] مُتَرَاخٍ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: ٢٣٤] فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَامٌّ مِنْ وَجْهٍ، وَخَاصٌّ مِنْ وَجْهٍ يَكُونُ مِثَالًا لِتَأَخُّرِ الْعَامِّ عَنْ الْخَاصِّ وَعَكْسُهُ وَيَكُونُ نَاسِخًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ} [البقرة: ٢٣٤] فِي حَقِّ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَإِنْ قُلْت انْتِسَاخُ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ الْمُتَأَخِّرِ يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُقَيَّدَ بِقَدْرِ مَا تَنَاوَلَاهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْخَاصَّ يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَ أَفْرَادًا لَا يَتَنَاوَلُهَا الْعَامُّ فَلَا يُنْسَخُ فِي حَقِّهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ} [البقرة: ٢٣٤] فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَامِلِ قُلْت هُوَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ يَكُونُ عَامًّا لَا خَاصًّا، وَإِنَّمَا يَكُونُ خَاصًّا مِنْ حَيْثُ تَنَاوُلُهُ لِبَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ، فَالْخَاصُّ الْمُتَقَدِّمُ يُنْسَخُ بِالْعَامِّ فِي حَقِّ كُلِّ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَاصٌّ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ إذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعَامِّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَامًّا مِنْ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>