للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى التَّيَمُّمُ خَلَفٌ عَنْ التَّوَضُّؤ فَلَا يَجُوزُ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ صَاحِبُ أَصْلٍ، وَالْمُتَيَمِّمَ صَاحِبُ خَلَفٍ فَلَا يَبْنِي صَاحِبُ الْأَصْلِ الْقَوِيِّ صَلَاتَهُ عَلَى صَاحِبِ الْخَلَفِ الضَّعِيفِ كَمَا لَا يَبْنِي الْمُصَلِّي بِرُكُوعٍ، وَسُجُودٍ عَلَى الْمُومِئِ.

(وَشَرْطُ الْخَلَفِيَّةِ إمْكَانُ الْأَصْلِ لِيَصِيرَ السَّبَبُ مُنْعَقِدًا لَهُ ثُمَّ عَدَمُهُ بِعَارِضٍ) كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَسِّ السَّمَاءِ بِخِلَافِ الْغَمُوسِ

. (بَابٌ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَهْلِيَّتِهِ لِلْحُكْمِ، وَهِيَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْعَقْلِ قَالُوا: هُوَ نُورٌ يُضِيءُ بِهِ طَرِيقٌ يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَنْتَهِي إلَيْهِ دَرْكُ الْحَوَاسِّ فَيَتَبَدَّى الْمَطْلُوبُ لِلْقَلْبِ أَيْ نُورٌ يَحْصُلُ بِإِشْرَاقِ الْعَقْلِ الَّذِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ مِنْ أَوَائِلِ الْمَخْلُوقَاتِ فَكَمَا أَنَّ الْعَيْنَ مُدْرِكَةٌ بِالْقُوَّةِ فَإِذَا وُجِدَ النُّورُ

ــ

[التلويح]

بِكَوْنِهِ ضَرُورِيًّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ ضَرُورَةِ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَهَذَا مِمَّا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ نِزَاعٌ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ عِنْدَنَا) أَيْ بَعْدَ مَا اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى كَوْنِ الْخَلَفِ خَلَفًا مُطْلَقًا اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ الْخَلَفِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْخَلَفِيَّةُ فِي الْآلَةِ بِمَعْنَى أَنَّ التُّرَابَ خَلَفٌ عَنْ الْمَاءِ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ عِنْدَ النَّقْلِ إلَى التَّيَمُّمِ عَلَى عَدَمِ الْمَاءِ، وَكَوْنُ التُّرَابِ مُلَوَّثًا فِي نَفْسِهِ لَا يُوجِبُ الْعُدُولَ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمَحَلِّ حُكْمِيَّةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَطْهِيرُ الْآلَةِ أَيْضًا كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ إلَى عَشْرِ حِجَجٍ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ» يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتْ الْخَلَفِيَّةُ فِي الْآلَةِ لَافْتَقَرَتْ إلَى الْإِصَابَةِ كَالْمَاءِ إذْ مِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْأَصْلِ فَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِالْحَجَرِ الْمَلْسَاءِ قُلْنَا: لَيْسَ هَذَا مِنْ الزِّيَادَةِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ مَعْنَاهَا الزِّيَادَةُ فِي الْحُكْمِ، وَتَرَتُّبِ الْآثَارِ، أَلَا يُرَى أَنَّ اسْتِغْنَاءُ التَّيَمُّمِ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالرِّجْلِ لَا يُوجِبُ زِيَادَتَهُ عَلَى الْوُضُوءِ فَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إمَامَةُ الْمُتَيَمِّمِ لِلْمُتَوَضِّئِ إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُتَوَضِّئُ مَاءً لِأَنَّ شَرْطَ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا مَوْجُودٌ بِكَمَالِهِ فَيَجُوزُ بِنَاءُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ كَالْغُسْلِ عَلَى الْمَاسِحِ مَعَ أَنَّ الْخَلَفَ بَدَلٌ مِنْ الرِّجْلِ فِي قَبُولِ الْحَدَثِ، وَرَفْعِهِ، وَأَمَّا إذَا وَجَدَ الْمُتَوَضِّئُ مَاءً فَإِنْ كَانَ فِي زَعْمِهِ أَنَّ شَرْطَ الصَّلَاةِ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَأَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ كَمَا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ إمَامَهُ مُخْطِئٌ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: الْخَلَفِيَّةُ فِي الْفِعْلِ بِمَعْنَى أَنَّ التَّيَمُّمَ خَلَفٌ عَنْ التَّوَضُّؤِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْوُضُوءِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ الْعَجْزِ فَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ كَاقْتِدَاءِ غَيْرِ الْمُومِئِ بِالْمُومِئِ، وَمَا ذُكِرَ أَنَّ زُفَرَ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ إلَّا أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ وَجَدَ الْمُتَوَضِّئُ مَاءً.

(قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْخَلَفِيَّةِ) أَيْ لَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ الْخَلَفِ عَنْ إمْكَانِ الْأَصْلِ لِيَصِيرَ السَّبَبُ مُنْعَقِدًا لِلْأَصْلِ ثُمَّ مَنْ عَدِمَ الْأَصْلَ فِي الْحَالِ لِعَارِضٍ إذْ لَا مَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>