للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّيَمُّمُ خَلَفٌ عَنْ الْمَاءِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِنْدَ الْعَجْزِ بِقَدْرِ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ (حَتَّى لَمْ يَجُزْ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَقَالَ) أَيْ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ (فِي إنَاءَيْنِ نَجِسٍ وَطَاهِرٍ يَتَحَرَّى وَلَا يَتَيَمَّمُ) فَيَتَوَضَّأُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ طَهَارَتُهُ، وَلَا يَتَيَمَّمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ خَلَفٌ ضَرُورِيٌّ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا (وَعِنْدَنَا يَتَيَمَّمُ إذَا ثَبَتَ الْعَجْزُ بِالتَّعَارُضِ) أَيْ بَيْنَ النَّجِسِ، وَالطَّاهِرِ، وَلَا احْتِيَاجَ إلَى الضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ خَلَفٌ مُطْلَقٌ لَا ضَرُورِيٌّ.

(ثُمَّ عِنْدَنَا التُّرَابُ خَلَفٌ عَنْ الْمَاءِ) فَبَعْدَ حُصُولِ الطَّهَارَةِ كَانَ شَرْطُ الصَّلَاةِ مَوْجُودًا فِي كُلِّ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِهِ (فَيَجُوزُ إمَامَةُ الْمُتَيَمِّمِ لِلْمُتَوَضِّئِ) كَإِمَامَةِ الْمَاسِحِ لِلْغَاسِلِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ

ــ

[التلويح]

إرَادَةِ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَاءِ فِي تَأْدِيَةِ الْفَرَائِضِ بِهِ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ التُّرَابَ خَلَفًا عَنْ الْمَاءِ فَحُكْمُ الْأَصْلِ إفَادَةُ الطَّهَارَةِ وَإِزَالَةُ الْحَدَثِ فَكَذَا حُكْمُ الْخَلَفِ إذْ لَوْ كَانَ لَهُ حُكْمٌ بِرَأْسِهِ لَمَا كَانَ خَلَفًا بَلْ أَصْلًا، وَإِنْ جَعَلَ التَّيَمُّمَ خَلَفًا عَنْ التَّوَضُّؤِ فَحُكْمُ التَّوَضُّؤِ إبَاحَةُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِوَاسِطَةِ رَفْعِ الْحَدَثِ بِطَهَارَةٍ حَصَلَتْ بِهِ لَا مَعَ الْحَدَثِ فَكَذَا التَّيَمُّمُ إذْ لَوْ كَانَ خَلَفًا فِي حَقِّ الْإِبَاحَةِ مَعَ الْحَدَثِ لَكَانَ لَهُ حُكْمٌ بِرَأْسِهِ هُوَ الْإِبَاحَةُ مَعَ قِيَامِ الْحَدَثِ فَلَمْ يَكُنْ خَلَفًا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ خَلَفٌ ضَرُورِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّهُ ثَبَتَ خَلَفِيَّتُهُ ضَرُورَةَ الْحَاجَةِ إلَى إسْقَاطِ الْفَرْضِ عَنْ الذِّمَّةِ مَعَ قِيَامِ الْحَدَثِ كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ حَتَّى لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوَقْتِ، وَلَا أَدَاءُ فَرْضَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ أَمَّا قَبْلَ الْوَقْتِ فَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ لَمْ تَبِنْ، وَأَمَّا بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضٍ وَاحِدٍ فَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ قَدْ انْعَدَمَتْ، وَحَتَّى قَالَ فِيمَنْ لَهُ إنَاءَانِ مِنْ الْمَاءِ أَحَدُهُمَا طَاهِرٌ وَالْآخَرُ نَجِسٌ، وَقَدْ اشْتَبَهَا عَلَيْهِ إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّحَرِّي، وَالِاجْتِهَادُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إذْ مَعَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بِدَلِيلٍ مُعْتَبَرٍ فِي الشَّرْعِ، وَهُوَ التَّحَرِّي فَلَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ، وَعِنْدَنَا لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي لِأَنَّ التُّرَابَ طَهُورٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ الْعَجْزُ بِالتَّعَارُضِ الْمُوجِبِ لِلتَّسَاقُطِ حَتَّى كَانَ الْإِنَاءَانِ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ، وَاعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ التَّحَرِّي عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ آخَرُ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ، وَأَمَّا إذَا وُجِدَ فَالتَّحَرِّي جَائِزٌ فَلِهَذَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ عِبَارَةِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ قَيَّدَ جَوَازَ التَّحَرِّي فِي مَسْأَلَةِ الْإِنَاءَيْنِ بِحَالَةِ السَّفَرِ أَيْ حَالَةِ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى مَاءٍ طَاهِرٍ بِيَقِينٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ قَبْلَ التَّحَرِّي عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا صِحَّةَ لِلتَّيَمُّمِ بِدُونِ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ خَلَفًا ضَرُورِيًّا أَوْ خَلَفًا مُطْلَقًا، وَلَا عَجْزَ مَعَ إمْكَانِ التَّحَرِّي، وَلِذَا جُوِّزَ التَّيَمُّمُ فِيمَا إذَا تَحَيَّرَ فَتَفْرِيعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى كَوْنِ التَّيَمُّمِ خَلَفًا ضَرُورِيًّا بِمَعْنَى أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِقَدْرِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرُورَةَ إسْقَاطِ الْفَرْضِ لَيْسَ كَمَا يَنْبَغِي وَإِنْ أُرِيدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>