اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَنَا وَهَذِهِ الْحُقُوقُ تَنْقَسِمُ إلَى أَصْلٍ، وَخَلَفٍ فَفِي الْإِيمَانِ أَصْلُهُ التَّصْدِيقُ، وَالْإِقْرَارُ ثُمَّ صَارَ خَلَفًا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا) أَيْ صَارَ الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ قَائِمًا مَقَامَ الْأَصْلِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا (ثُمَّ صَارَ أَدَاءً أَحَدِ أَبَوِيِّ الصَّغِيرِ خَلَفًا عَنْ أَدَائِهِ حَتَّى لَا يُعْتَبَرَ التَّبَعِيَّةُ إذَا وُجِدَ أَدَاؤُهُ) أَيْ لَمَّا كَانَ أَدَاؤُهُ أَصْلًا، وَأَدَاءُ الْأَبَوَيْنِ خَلَفًا فَإِذَا وُجِدَ الْأَصْلُ، وَهُوَ أَدَاءُ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ لَا تُعْتَبَرُ التَّبَعِيَّةُ فَيُحْكَمُ بِإِيمَانِهِ أَصَالَةً لَا بِكُفْرِهِ تَبَعِيَّةً (ثُمَّ تَبَعِيَّةُ أَهْلِ الدَّارِ، وَالْغَانِمِينَ خَلَفًا عَنْ أَدَاءِ أَحَدِهِمَا إذَا عَدِمَا) أَيْ إذَا عَدِمَ الْأَبَوَانِ (، وَكَذَا الطَّهَارَةُ وَالتَّيَمُّمُ لَكِنَّهُ) أَيْ التَّيَمُّمَ (خَلَفٌ مُطْلَقٌ عِنْدَنَا بِالنَّصِّ أَيْ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ) يَكُونُ التَّيَمُّمُ خَلَفًا عَنْ الْمَاءِ مُطْلَقًا فَيَجُوزُ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كَمَا يَجُوزُ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ (وَعِنْدَهُ خَلَفٌ ضَرُورِيٌّ) أَيْ
ــ
[التلويح]
اسْتِيفَاؤُهُ إلَى الْإِمَامِ، وَمَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْحَقَّانِ وَحَقُّ الْعَبْدِ فِيهِ غَالِبٌ الْقِصَاصَ فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى فِي نَفْسِ الْعَبْدِ حَقَّ الِاسْتِعْبَادِ، وَلِلْعَبْدِ حَقَّ الِاسْتِمْتَاعِ فَفِي شَرْعِيَّةِ الْقِصَاصِ إبْقَاءٌ لِلْحَقَّيْنِ وَإِخْلَاءٌ لِلْعَالِمِ عَنْ الْفَسَادِ إلَّا أَنَّ وُجُوبَهُ بِطَرِيقِ الْمُمَاثَلَةِ، وَالْمُنْبِئَةِ عَنْ مَعْنَى الْجَبْرِ وَفِيهِ مَعْنَى الْمُقَابَلَةِ بِالْمَحَلِّ فَكَانَ حَقُّ الْعَبْدِ رَاجِحًا، وَلِهَذَا فُوِّضَ اسْتِيفَاؤُهُ إلَى الْوَلِيِّ، وَجَرَى فِيهِ الِاعْتِيَاضُ بِالْمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا حَدُّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ فَخَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) قَطْعًا كَانَ أَوْ قَتْلًا لِأَنَّ سَبَبَهُ مُحَارَبَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى جَزَاءً، وَالْجَزَاءُ الْمُطْلَقُ بِمَا يَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى بِمُقَابَلَةِ الْفِعْلِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْحَدُّ قَتْلًا فَفِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حَدٌّ يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ دُونَ الْوَلِيِّ، وَلَا يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ، وَحَقُّ الْعَبْدِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ حَيْثُ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْقَتْلِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَعِيَّةُ أَهْلِ الدَّارِ) أَيْ بَعْدَ مَا صَارَ أَدَاءُ أَحَدِ أَبَوَيْ الصَّغِيرِ خَلَفًا عَلَى أَدَائِهِ صَارَ تَبَعِيَّةُ أَهْلِ الدَّارِ خَلَفًا عَنْ أَدَاءِ أَحَدِهِمَا أَيْ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ إذَا لَمْ يُوجَدْ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ تَبَعِيَّةُ أَهْلِ الدَّارِ صَارَتْ تَبَعِيَّةُ الْغَانِمِينَ خَلَفًا مَثَلًا إذَا سُبِيَ صَبِيٌّ فَإِنْ أَسْلَمَ هُوَ بِنَفْسِهِ مَعَ كَوْنِهِ عَاقِلًا فَهُوَ الْأَصْلُ وَإِلَّا فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فَهُوَ تَبَعٌ لَهُ وَإِلَّا فَإِنْ أُخْرِجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ بِتَبَعِيَّةِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بَلْ قُسِمَ أَوْ بِيعَ مِنْ مُسْلِمٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ تَبَعٌ لِمَنْ سَبَاهُ فِي الْإِسْلَامِ فَلَوْ مَاتَ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ التَّحْقِيقُ أَنَّ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبَوَيْنِ لَيْسَتْ التَّبَعِيَّةُ خَلَفًا عَنْ أَدَاءِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ بَلْ عَنْ أَدَاءِ الصَّبِيِّ نَفْسِهِ كَابْنِ الْمَيِّتِ خَلَفٌ عَنْهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَعِنْدَ عَدَمِهِ يَكُونُ ابْنُ الِابْنِ خَلَفًا عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ ابْنِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ لِلْخَلَفِ خَلَفٌ فَيَكُونَ الشَّيْءُ خَلَفًا وَأَصْلًا، وَقَدْ يُقَالُ: لَا امْتِنَاعَ فِي كَوْنِ الشَّيْءِ أَصْلًا مِنْ وَجْهٍ وَخَلَفًا مِنْ وَجْهٍ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ أَيْ التَّيَمُّمُ خَلَفٌ مُطْلَقٌ) يَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ إلَى غَايَةِ وُجُودِ الْمَاءِ بِالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] نَقَلَ الْحُكْمَ فِي حَالِ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ إلَى التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute