للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالنَّوْمِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَسْقُطُ مَا فِيهِ حَرَجٌ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ يَمْتَدَّ حَتَّى يَزِيدَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَفِي الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ يَنْدُرُ وُجُودُهُ شَهْرًا أَوْ سَنَةً) .

(وَمِنْهَا الرِّقُّ وَهُوَ عَجْزٌ حُكْمِيٌّ شُرِعَ فِي الْأَصْلِ جَزَاءً عَنْ الْكُفْرِ، فَيَكُونُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّهُ فِي الْبَقَاءِ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ بِهِ يَصِيرُ الْمَرْءُ عُرْضَةً لِلتَّمَلُّكِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ حَقَّ الْعَبْدِ وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ التَّجَزِّيَ حَتَّى إنْ أَقَرَّ مَجْهُولُ النَّسَبِ أَنَّ نِصْفَهُ مِلْكُ فُلَانٍ يُجْعَلُ عَبْدًا فِي شَهَادَتِهِ، وَجَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَكَذَا الْعِتْقُ الَّذِي هُوَ ضِدُّهُ) أَيْ: لَا يَحْتَمِلُ التَّجَزِّي (لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَجَزِّيهِ تَجَزِّي الرِّقِّ، وَكَذَا الْإِعْتَاقُ عِنْدَهُمَا لِعَدَمِ تَجَزِّي لَازِمِهِ اتِّفَاقًا فَمُعْتَقُ الْبَعْضِ مُعْتَقُ الْكُلِّ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُتَجَزِّئٌ إذْ الْإِعْتَاقُ إزَالَةُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ ثُمَّ يَلْزَمُ مِنْ إزَالَةِ كُلِّهِ زَوَالُ الرِّقِّ، وَهُوَ الْعِتْقُ فَإِعْتَاقُ الْبَعْضِ إيجَادُ شَطْرِ الْعِلَّةِ، فَفِي الِابْتِدَاءِ ثُبُوتُ حَقِّ الْعَبْدِ يَتْبَعُ ثُبُوتَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي الْبَقَاءِ عَلَى الْعَكْسِ حَتَّى أَنَّ زَوَالَهُ يَتْبَعُ زَوَالَ حَقِّ الْعَبْدِ) أَيْ: زَوَالَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى يَتْبَعُ زَوَالَ حَقِّ الْعَبْدِ (فَمُعْتَقُ الْبَعْضِ مُكَاتَبٌ عِنْدَهُ إلَّا فِي الرَّدِّ إلَى الرِّقِّ وَالرِّقُّ يُبْطِلُ مَالِكِيَّةَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ مَالًا فَلَا يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ التَّسَرِّيَ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الْحَجُّ) أَيْ: مِنْ الرَّقِيقِ وَالْمُكَاتَبِ حَتَّى إذَا أُعْتِقَا وَوَجَبَ الْحَجُّ عَلَيْهِمَا لَا يَقَعُ الْمُؤَدَّى قَبْلَ الْعِتْقِ مِنْ

ــ

[التلويح]

ابْتِدَاءً، ثُمَّ صَارَ حَقًّا لِلْعَبْدِ بَقَاءً بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الرَّقِيقَ مِلْكًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَعْنَى الْجَزَاءِ، وَجِهَةِ الْعُقُوبَةِ حَتَّى إنَّهُ يَبْقَى رَقِيقًا، وَإِنْ أَسْلَمَ، وَاتَّقَى.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الرِّقُّ لَا يَحْتَمِلُ التَّجَزِّيَ بِأَنْ يَصِيرَ الْمَرْءُ بَعْضُهُ رَقِيقًا، وَيَبْقَى الْبَعْضُ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ أَثَرُ الْكُفْرِ، وَنَتِيجَةُ الْقَهْرِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا التَّجَزِّي وَكَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إيجَابُ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْبَعْضِ مَشَاعًا وَكَذَا الْعِتْقُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الرِّقِّ لَا يَحْتَمِلُ التَّجَزِّي بِأَنْ يُعْتَقَ بَعْضُ الْعَبْدِ، وَيَبْقَى بَعْضُهُ رَقِيقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَجَزِّي الرِّقِّ ضَرُورَةً، وَقَدْ يُقَالُ: سَلَّمْنَا امْتِنَاعَ تَجَزِّي الرِّقِّ ابْتِدَاءً لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ امْتِنَاعَهُ بَقَاءً؛ لِأَنَّ وَصْفَ الْمِلْكِ يَقْبَلُ التَّجَزِّيَ، فَيَجُوزُ أَنْ يُثْبِتَ الشَّرْعُ لِلْمَوْلَى حَقَّ الْخِدْمَةِ فِي الْبَعْضِ، وَيَعْمَلُ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ مُشَاعًا، وَلَا يُثْبِتُ الشَّهَادَةَ، وَالْوِلَايَةَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ التَّجَزِّيَ، وَلِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى كَمَالِ الْأَهْلِيَّةِ فَتَنْعَدِمُ بِرِقِّ الْبَعْضِ فَإِنْ قِيلَ الرِّقُّ، وَالْحُرِّيَّةُ مُتَضَادَّانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ بِالْحُرِّيَّةِ بِعَيْنِهِ مَوْصُوفًا بِالرِّقِّ، وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ بَلْ الْمَحَلُّ مُتَّصِفٌ بِهِمَا مُشَاعًا كَمَا إذَا مَلَكَ زَيْدٌ نِصْفَ الْعَبْدِ مُشَاعًا فَإِنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهِ مِلْكِيَّةُ زَيْدٍ، وَعَدَمُ مِلْكِيَّتِهِ بِاعْتِبَارِ النِّصْفَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْإِعْتَاقُ) اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ تَجَزِّي الْعِتْقِ فِي تَجَزِّي الْإِعْتَاقِ فَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إلَى عَدَمِ تَجَزِّيهِ بِمَعْنَى أَنَّ إعْتَاقَ الْبَعْضِ إعْتَاقٌ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَازِمُ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ مُطَاوَعَةٌ يُقَالُ أَعْتَقْتُهُ فَعَتَقَ مِثْلُ كَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ، وَالْمُطَاوَعَةُ هِيَ حُصُولُ الْأَثَرِ مِنْ تَعَلُّقِ الْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي بِمَفْعُولِهِ، وَأَثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>