الْوَاجِبِ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ (لِأَنَّ مَنَافِعَ بَدَنِهِمَا مِلْكُ الْمَوْلَى إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَيَصِحُّ مِنْ الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْقُدْرَةِ ثَابِتٌ لَهُ، وَإِنَّمَا الزَّادُ، وَالرَّاحِلَةُ لِنَفْيِ الْحَرَجِ وَلَا يُبْطِلُ مَالِكِيَّةَ غَيْرِ الْمَالِ كَالنِّكَاحِ وَالدَّمِ وَالْحَيَاةِ، فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَبِالسَّرِقَةِ الْمُسْتَهْلِكَةِ) سَوَاءٌ كَانَ أَقَرَّ بِهَا الْمَأْذُونُ أَوْ الْمَحْجُورُ إذْ لَيْسَ فِيهَا إلَّا الْقَطْعُ (وَبِالْقَائِمَةِ الْمَأْذُونُ، وَأَمَّا مِنْ الْمَحْجُورِ، فَيَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُطْلَقًا) أَيْ: فِي الْقَطْعِ وَرَدِّ الْمَالِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
ــ
[التلويح]
الشَّيْءِ لَازِمٌ لَهُ، وَالْعِتْقُ لَيْسَ بِمُنْجَزٍ اتِّفَاقًا بَيْنَ عُلَمَائِنَا فَكَذَا الْإِعْتَاقُ إذْ لَوْ تَجَزَّأَ الْإِعْتَاقُ بِأَنْ يَقَعَ مِنْ الْمَحَلِّ عَلَى جُزْءٍ دُونَ جُزْءٍ لَزِمَ تَجَزِّي الْعِتْقِ ضَرُورَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْإِعْتَاقِ، وَالْعِتْقِ هُوَ الْعَبْدُ، وَتَجَزِّيهُمَا إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ فَتَجَزِّي أَحَدِهِمَا تَجَزِّي الْآخَرِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّ الْإِعْتَاقَ مُتَجَزِّي، وَأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِتْقَ حَتَّى لَوْ أُعْتِقَ الْبَعْضُ لَا يَثْبُتُ لِلْعَبْدِ الْحُرِّيَّةُ فِي الْبَعْضِ، وَلَا فِي الْكُلِّ بَلْ يَكُونُ رَقِيقًا فِي الشَّهَادَةِ، وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ إذْ لَوْ ثَبَتَ الْعِتْقُ لَثَبَتَ فِي الْكُلِّ لِعَدَمِ التَّجَزِّي، وَلَا سَبَبَ لِذَلِكَ مَعَ تَضَرُّرِ الْمَالِكِ بِهِ، فَيَتَوَقَّفُ فِي الْحُكْمِ بِالْعِتْقِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ، وَيَسْقُطُ الْمِلْكُ بِالْكُلِّيَّةِ فَيُعْتَقُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إزَالَةُ الْمِلْكِ إذْ لَا تَصَرُّفَ لِلْمَوْلَى فِي حَقِّهِ، وَحَقُّهُ فِي الرَّقِيقِ هُوَ الْمَالِيَّةُ، وَالْمِلْكُ، وَهُوَ مُتَجَزِّئٌ فَكَذَا إزَالَتُهُ كَمَا إذَا بَاعَ نِصْفَ الْعَبْدِ ثُمَّ زَوَالُ الْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ يَسْتَلْزِمُ زَوَالَ الرِّقِّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَازِمٌ لَهُ إذْ الرِّقُّ إنَّمَا يَثْبُتُ جَزَاءً لِلْكُفْرِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِقِيَامِ مِلْكِ الْمَوْلَى، وَانْتِفَاءُ اللَّازِمِ يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْمَلْزُومِ، وَزَوَالُ بَعْضِ الْمِلْكِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِتْقَ لِبَقَاءِ الْمَمْلُوكِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ بَلْ زَوَالُ بَعْضِ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ نَقْلِهِ إلَى مَالِكٍ آخَرَ يَكُونُ إيجَادًا لِلْبَعْضِ مِنْ عِلَّةِ ثُبُوتِ الْعِتْقِ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الْعِتْقَ كَالْقِنْدِيلِ لَا يَسْقُطُ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَسْكَةِ فَإِنْ قِيلَ فَفِي إزَالَةِ كُلِّ الْمِلْكِ عَنْ الرَّقِيقِ إزَالَةُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ ذَلِكَ: أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ لِلْعَبْدِ إزَالَةُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَصْدًا، وَأَصْلًا لَا ضِمْنًا، وَتَبَعًا، وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ أَصْلًا فِي ابْتِدَاءِ الرِّقِّ جَزَاءً عَلَى الْكُفْرِ لَكِنَّهُ تَبَعٌ بَقَاءً، فَإِنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْمِلْكِيَّةُ، وَالْمَالِيَّةُ، وَلِهَذَا لَا يَزُولُ الرِّقُّ بِالْإِسْلَامِ فَفِي الْإِعْتَاقِ إزَالَةُ حَقِّ الْعَبْدِ قَصْدًا، وَأَصْلًا، وَلَزِمَ مِنْهُ زَوَالُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ضِمْنًا، وَتَبَعًا، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا، وَلَا يَثْبُتُ قَصْدًا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: فَفِي الِابْتِدَاءِ ثُبُوتُ حَقِّ الْعَبْدِ يَتْبَعُ ثُبُوتَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي الْبَقَاءِ بِالْعَكْسِ فَإِنْ قِيلَ، فَأَيُّ أَثَرٍ لِلْإِعْتَاقِ عِنْدَ إزَالَةِ بَعْضِ الْمِلْكِ أُجِيبَ بِأَنَّ أَثَرَهُ فَسَادُ الْمِلْكِ فِي الْبَاقِي حَتَّى لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى بَيْعَ مُعْتَقِ الْبَعْضِ، وَلَا إبْقَاءَ فِي مِلْكِهِ، وَيَصِيرُ هُوَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ، وَيَخْرُجُ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ يَصِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute