للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَشَرَعَ التَّصَرُّفَاتِ كَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ لِحُصُولِ مِلْكِ الْيَدِ ثُمَّ مِلْكُ الرَّقَبَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ لِيَكُونَ وَسِيلَةً إلَى مِلْكِ الْيَدِ فَإِنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ هُوَ اخْتِصَاصُ الْمَالِكِ بِالشَّيْءِ، فَيَقْطَعُ طَمَعَ الطَّامِعِينَ وَالْإِفْضَاءَ إلَى التَّنَازُعِ وَالتَّقَاتُلِ، وَنَحْوِهِمَا فَثَبَتَ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي التَّصَرُّفَاتِ مِلْكُ الْيَدِ، فَأَمَّا مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَإِنَّمَا يُثْبِتُ ضَرُورَةَ إكْمَالِ مِلْكِ الْيَدِ، فَيَبْطُلُ مَا قَالَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ سَبَبِ الْمِلْكِ لَا تَكُونُ خَالِيَةً عَنْ الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ، وَهُوَ مِلْكُ الْيَدِ حَاصِلٌ لِلْعَبْدِ (فَأَمَّا الْمِلْكُ) أَيْ: مِلْكُ الرَّقَبَةِ (فَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ ضَرُورِيٌّ) أَيْ: لَيْسَ مَقْصُودًا أَصْلِيًّا أَيْ: مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ ضَرُورَةَ أَنْ يَثْبُتَ شَيْءٌ آخَرُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَعَدَمُ أَهْلِيَّتِهِ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ يُوجِبُ عَدَمَ أَهْلِيَّتِهِ لِمَا شُرِعَ لِأَجْلِهِ أَمَّا عَدَمُ أَهْلِيَّتِهِ

ــ

[التلويح]

عَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ، وَالنُّقْصَانُ فِي الْحِلِّ بِالْعَكْسِ، وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ تَنْصِيفَ عَدَدِ الزَّوْجَاتِ لَيْسَ لِنُقْصَانِ الْمَالِكِيَّةِ بَلْ لِنُقْصَانِ الْحِلِّ، وَكَمَالُ مَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ نُقْصَانَ عَدَدِ الزَّوْجَاتِ لَكِنَّهُ لَا يُنَافِي أَنْ يُوجِبَهُ أَمْرٌ آخَرُ هُوَ نُقْصَانُ الْحِلِّ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ ثُبُوتَ كَمَالِ مَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ فِي الرَّقِيقِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا هُوَ مِنْ بَابِ الِازْدِوَاجِ كَامِلًا فِي الْأَرِقَّاءِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ كَالطَّلَاقِ، وَالْعِدَّةِ، وَالْقَسَمِ إنَّمَا يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الزَّوْجَةِ، وَالْأَمَةُ لَا تَمْلِكُ النِّكَاحَ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ كَمَالِ الْمَالِكِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا انْتَقَصَ) يُرِيدُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي نُقْصَانِ دِيَةِ الْعَبْدِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ جَانِبُ الْمَالِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ التَّنْصِيفُ بَلْ الْقِيمَةُ لَكِنَّهَا إذَا بَلَغَتْ دِيَةَ الْحُرِّ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهَا يُنْتَقَصُ مِنْهَا شَيْءٌ اعْتَبَرَهَا الشَّرْعُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى كَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ احْتِرَازًا عَنْ شُبْهَةِ مُسَاوَاةِ الْعَبْدِ بِالْحُرِّ أَوْ زِيَادَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّ شُبْهَةَ الشَّيْءِ مُعْتَبَرَةٌ بِحَقِيقَتِهِ، وَكَمَا أَنَّ حَقِيقَةَ الْمُسَاوَاةِ مُنْتَفِيَةٌ فَكَذَلِكَ شُبْهَتُهَا، وَإِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ شُبْهَةَ الْمُسَاوَاةِ لَا حَقِيقَتَهَا؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ إنَّمَا تَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْمَمْلُوكِيَّةِ، وَالِابْتِذَالِ، وَدِيَةُ الْحُرِّ بِاعْتِبَارِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْكَرَامَةِ، وَالْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي حَقِيقَةً، وَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ صُورَةً فَلَا مُسَاوَاةَ حَقِيقَةً، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي نَفْسِهِ ضَمَانُ النَّفْسِ، وَلَكِنْ فِي جَانِبِ الْمُسْتَحِقِّ هُوَ ضَمَانُ مَالٍ، فَيَظْهَرُ حُكْمُ الْمَالِيَّةِ فِي حَقِّ السَّيِّدِ وَإِلَّا فَنَفْسُ الْعَبْدِ مَعْصُومَةٌ مَصُونَةٌ عَنْ الْهَدَرِ مُعْتَبَرَةٌ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ بِالْقِصَاصِ، وَالْكَفَّارَةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَالِيَّةُ قَائِمَةٌ بِهَا تَابِعَةٌ لَهَا تَزُولُ بِزَوَالِهَا كَمَا فِي الْمَوْتِ دُونَ الْعَكْسِ كَمَا فِي الْعِتْقِ، وَأَيْضًا الْمَقْصُودُ فِي الْإِتْلَافِ فِي الْقَتْلِ هُوَ النَّفْسِيَّةُ عَادَةً لَا الْمَالِيَّةُ، وَالضَّمَانُ لِلْمُتْلَفِ، وَأَيْضًا الضَّمَانُ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ دُونَ الْجَانِي، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ النَّفْسِيَّةُ، وَكَوْنُ الدِّيَةِ لِلْمَوْلَى لَا يُنَافِي ذَلِكَ كَالْقِصَاصِ يَسْتَوْفِيهِ الْمَوْلَى، وَالْمَالُ يَجِبُ لِلْعَبْدِ، وَلِهَذَا تُقْضَى دُيُونُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>