للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ فَعِنْدَنَا يَعُمُّ إذْنُهُ لِسَائِرِ الْأَنْوَاعِ، وَعِنْدَهُ لَا بَلْ يَخْتَصُّ الْإِذْنُ بِمَا أُذِنَ فِيهِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ (لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِسَبَبِهِ، وَقُلْنَا هُوَ أَهْلٌ لِلتَّكَلُّمِ وَالذِّمَّةِ، فَيَحْتَاجُ إلَى قَضَاءِ مَا يَجِبُ فِي ذِمَّتِهِ وَأَدْنَى طُرُقِهِ الْيَدُ عَلَى أَنَّهَا) أَيْ: الْيَدَ (لَيْسَتْ بِمَالٍ) فَلَا يَكُونُ الرِّقُّ مُنَافِيًا لِمِلْكِ الْيَدِ لَكِنَّهُ مُنَافٍ لِمِلْكِ الْمَالِ لِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا حَالَ كَوْنِهِ مَالًا (وَهِيَ الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ فِي التَّصَرُّفَاتِ) أَيْ: الْيَدُ هِيَ الْغَرَضُ الْأَصْلِيُّ فِي التَّصَرُّفَاتِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مُحْتَاجٌ إلَى الِانْتِفَاعِ بِمَا يَكُونُ سَبَبًا لِبَقَائِهِ وَلَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ إلَّا بِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ

ــ

[التلويح]

لِلضَّرَرِ فِي مَالِهِ لَا لِنُقْصَانٍ فِي مَالِكِيَّةِ الْعَبْدِ، وَلَمْ يَنْتَفِ فِيهِ مَالِكِيَّةُ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى يُنَاسِبَ تَنْصِيفَ دِيَتِهِ بَلْ إنَّمَا يَتَمَكَّنُ فِيهَا نُقْصَانٌ؛ لِأَنَّهَا بِشَيْئَيْنِ: مِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ لِلْعَبْدِ، وَمِلْكُ الْيَدِ أَعْنِي: التَّصَرُّفَ، وَهُوَ ثَابِتٌ لَهُ فَلَزِمَ بِوَاسِطَةِ نُقْصَانِ مِلْكِ الْيَدِ نُقْصَانُ شَيْءٍ مِنْ قِيمَتِهِ فَقَدَّرْنَاهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ فِي أَقَلَّ مَا يُسْتَوْلَى بِهِ عَلَى الْحُرَّةِ اسْتِمْتَاعًا، وَهُوَ الْمَهْرُ، وَفِي أَقَلَّ مَا يُقْطَعُ بِهِ الْيَدُ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ نِصْفِ الْبَدَنِ.

وَقَدْ نُقِلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَا يُبْلَغُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ دِيَةُ الْحُرِّ، وَيُنْقَصُ مِنْهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَإِنْ قِيلَ: الْمُنْتَفَى فِي الْعَبْدِ هُوَ أَحَدُ شِقَّيْ مَالِكِيَّةِ الْمَالِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُنْقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ الرُّبُعُ تَوْزِيعًا عَلَى مَا بِهِ خَطَرُ الْمَحَلِّ أَعْنِي: مَالِكِيَّةَ النِّكَاحِ، وَمَالِكِيَّةَ الْمَالِ رَقَبَةً، وَيَدًا قُلْنَا: مَالِكِيَّةُ الْيَدِ أَقْوَى مِنْ مَالِكِيَّةِ الرَّقَبَةِ إذْ الِانْتِفَاعُ وَالتَّصَرُّفُ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَمِلْكُ الرَّقَبَةِ، وَسِيلَةٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ مِلْكِ الْمَالِ، وَمِلْكِ النِّكَاحِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمْرٌ مُسْتَقِلٌّ، فَكَانَا عَلَى التَّنَاصُفِ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِمْ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمْ لَزِمَ أَنْ لَا يَجْرِيَ التَّنْصِيفُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الْعَبْدِ إذْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي كَمَالِهِ إلَّا نُقْصَانُ مَا أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ بَلْ مِنْ الرُّبْعِ عَلَى مَا مَرَّ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ نُقْصَانُهُ فِي النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ بِأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا: وَثَانِيهِمَا أَنَّ مَالِكِيَّةَ النِّكَاحِ لَوْ كَانَتْ ثَابِتَةً لِلرَّقِيقِ بِكَمَالِهَا لَزِمَ، أَنْ لَا يَجْرِيَ النُّقْصَانُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ، وَالِازْدِوَاجِ كَعَدَدِ الزَّوْجَاتِ، وَالْعِدَّةِ، وَالْقَسَمِ، وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ، وَهِيَ كَامِلَةٌ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ، وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ: أَنَّ تَنْصِيفَ عَدَدِ الزَّوْجَاتِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ نُقْصَانِ خَطَرِ النَّفْسِ أَعْنِي: الْمَالِكِيَّةَ حَتَّى يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ بِأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ كَمَا فِي الدِّيَةِ بَلْ بِاعْتِبَارِ الْحِلِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْكَرَامَةِ، وَالرَّقِيقُ نَاقِصٌ فِيهِ نُقْصَانًا لَا يَتَعَيَّنُ قَدْرُهُ فَقَدَّرَهُ الشَّرْعُ بِالنِّصْفِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ الدِّيَةِ فَإِنَّهَا بِاعْتِبَارِ خَطَرِ النَّفْسِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ، وَنُقْصَانُ الرَّقِيقِ فِي ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّقْصَانَ فِي الشَّيْءِ يُوجِبُ النُّقْصَانَ فِي الْحُكْمِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ لَا فِي حُكْمٍ لَا يُلَائِمُهُ فَالنُّقْصَانُ فِي الْمَالِكِيَّةِ يُوجِبُ النُّقْصَانَ فِي الدِّيَةِ لَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>