للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمِيعِ الصُّوَرِ وَلَا يَكُونُ الرِّقُّ مُنَصِّفًا لِشَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بَلْ يُوجِبُ نُقْصَانًا، وَالْوَاقِعُ خِلَافُ هَذَا، وَأَيْضًا لَمَّا ذَكَرُوا أَنَّ أَحَدَ الْمِلْكَيْنِ ثَابِتٌ لِلرَّقِيقِ، وَهُوَ الِازْدِوَاجُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا هُوَ مِنْ بَابِ الِازْدِوَاجِ كَامِلًا فِي الْأَرِقَّاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ثُمَّ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْعِلَّةَ لِنُقْصَانِ دِيَتِهِ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ لَيْسَتْ مَا ذَكَرُوا أَرَدْت أَنْ أُبَيِّنَ مَا هُوَ الْعِلَّةُ لِثُبُوتِ هَذَا الْحُكْمِ فَقُلْت (وَإِنَّمَا انْتَقَصَ دِيَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْعَبْدِ (الْمَالِيَّةُ فَلَا تُنَصَّفُ لَكِنْ فِي الْإِكْمَالِ شُبْهَةُ الْمُسَاوَاةِ بِالْحُرِّ فَيُنْتَقَصُ وَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ حَتَّى أَنَّ الْمَأْذُونَ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَلْ هُوَ كَالْوَكِيلِ) وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أُذِنَ الْعَبْدُ

ــ

[التلويح]

لَا تَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْمَالِكِيَّةِ فَكُلَّمَا زَادَتْ الْمَمْلُوكِيَّةُ زَادَتْ الْمَالِكِيَّةُ، فَيَكُونُ اتِّسَاعُ الْمَمْلُوكِيَّةِ مُسْتَلْزِمًا لِاتِّسَاعِ الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّ مَالِكِيَّةَ ثَلَاثَةِ عَبِيدٍ أَوْسَعُ مِنْ مَالِكِيَّةِ عَبْدَيْنِ، فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِالرِّجَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَالِكِيَّةَ الْحُرِّ أَوْسَعُ مِنْ مَالِكِيَّةِ الرَّقِيقِ، فَيَلْزَمُ تَنْصِيفُ الطَّلَاقِ بِرِقِّ الرَّجُلِ أَيْضًا لِنُقْصَانِ مَالِكِيَّتِهِ، فَيَكُونُ طَلَاقُ الْحُرَّةِ تَحْتَ الْعَبْدِ ثِنْتَيْنِ كَطَلَاقِ الْأَمَةِ تَحْتَ الْحُرِّ فَالْجَوَابُ أَنَّ حَالَ الزَّوْجِ فِي الِاتِّسَاعِ، وَالتَّضْيِيقِ قَدْ اُعْتُبِرَتْ مَرَّةً حَيْثُ تُنَصَّفُ عَدَدُ زَوْجَاتِ الرَّقِيقِ مِنْ الْأَرْبَعِ إلَى الثِّنْتَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ فَلَوْ اُعْتُبِرَتْ فِي حَقِّ الطَّلَقَاتِ أَيْضًا لَزِمَ النُّقْصَانُ مِنْ النِّصْفِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ يَمْلِكُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَلْقَةً بِحَسَبِ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ، فَيَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ الْعَبْدُ سِتَّ طَلَقَاتٍ يُوقِعُهَا عَلَى زَوْجَتَيْنِ تَحْقِيقًا لِلتَّنْصِيفِ، وَلَوْ تَنَصَّفَ الطَّلَاقُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَمْلِكَ إلَّا أَرْبَعَ تَطْلِيقَاتٍ، وَهَذَا أَقَلُّ مِنْ السِّتِّ الَّتِي هِيَ نِصْفُ اثْنَيْ عَشَرَ.

(قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ أَحَدُ الْمِلْكَيْنِ) يُرِيدُ أَنَّهُ يَتَفَرَّغَ عَلَى مُنَافَاةِ الرِّقِّ لِكَمَالِ الْكَرَامَاتِ نُقْصَانُ دِيَةِ الرَّقِيقِ حَتَّى، لَوْ قُتِلَ خَطَأً يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي قِيمَتُهُ لِلْمَوْلَى بِشَرْطِ أَنْ تَنْقُصَ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَضْعَافَ ذَلِكَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجِبُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الرَّقِيقِ جِهَةَ الْمَالِيَّةِ، وَجِهَةَ النَّفْسِيَّةِ؛ فَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جِهَةَ الْمَالِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يَجِبُ لِلْمَوْلَى، وَمِلْكُهُ فِي الْعَبْدِ مِلْكُ مَالٍ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ النُّقُودُ دُونَ الْإِبِلِ، وَلِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ مِنْ الْحُسْنِ، وَالْأَخْلَاقِ، وَغَيْرِهِمَا، وَالصِّفَاتُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِ الْأَمْوَالِ دُونَ النُّفُوسِ، وَاعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جِهَةَ النَّفْسِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَصْلٌ، وَالْمَالِيَّةُ تَبَعٌ يَزُولُ بِزَوَالِ النَّفْسِيَّةِ كَمَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ دُونَ الْعَكْسِ كَمَا إذَا أُعْتِقَ، وَضَمَانُ النَّفْسِيَّةِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ خَطَرِهَا، وَذَلِكَ بِالْمَالِكِيَّةِ، فَإِنَّهَا كَمَالُ حَالِ الْإِنْسَانِ، وَالْمَالِكِيَّةُ نَوْعَانِ مَالِكِيَّةُ الْمَالِ، وَكَمَالُهَا بِالْحُرِّيَّةِ، وَمَالِكِيَّةُ النِّكَاحِ، وَثُبُوتُهَا بِالذُّكُورَةِ فَالْمَرْأَةُ قَدْ انْتَفَتْ فِيهَا إحْدَى الْمَالِكِيَّتَيْنِ، وَثَبَتَتْ الْأُخْرَى بِكَمَالِهَا فَانْتَقَصَتْ دِيَتُهَا بِالتَّنْصِيفِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ مَالِكِيَّةُ النِّكَاحِ بِكَمَالِهَا، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَتْ عَلَى إذْنِ الْمَوْلَى دَفْعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>