- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ وَالْيَمِينُ» وَلِأَنَّ الْهَازِلَ رَاضٍ بِالسَّبَبِ لَا الْحُكْمِ وَحُكْمُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ لَا يَحْتَمِلُ التَّرَاخِي وَالرَّدَّ حَتَّى لَا يَحْتَمِلَ خِيَارَ الشَّرْطِ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ الْمَالُ فِيهِ تَبَعًا كَالنِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ الْهَزْلُ فِي الْأَصْلِ فَالْعَقْدُ لَازِمٌ أَوْ فِي قَدْرِ الْبَدَلِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِعْرَاضِ فَالْمَهْرُ أَلْفَانِ أَوْ عَلَى الْبِنَاءِ، فَأَلْفٌ، وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ) لَكِنَّ النِّكَاحَ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ (وَعَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُمَا شَيْءٌ أَوْ اخْتَلَفَا فَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَهْرُ أَلْفٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَقْصُودٌ بِالْإِيجَابِ فَتَرَجَّحَ بِهِ) أَيْ: بِالثَّمَنِ، فَيَتَرَجَّحُ الثَّمَنُ بِالْإِيجَابِ (وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَلْفَانِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَفِي جِنْسِ الْبَدَلِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِعْرَاضِ فَالْمُسَمَّى، وَعَلَى الْبِنَاءِ فَمَهْرُ الْمِثْلِ إجْمَاعًا وَعَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُمَا
ــ
[التلويح]
عِبَارَةً، وَصِحَّةُ غَيْرِهَا دَلَالَةً، وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَيُفِيدُ صِحَّةَ الْكُلِّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْهَزْلَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ السَّبَبِ، وَعِنْدَ انْعِقَادِ السَّبَبِ يُوجِدُ حُكْمُهُ ضَرُورَةَ عَدَمِ التَّرَاخِي، وَالرَّدُّ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَاعْتُرِضَ بِالطَّلَاقِ الْمُضَافِ مِثْلُ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْبَابِ الْعِلَلُ، وَالطَّلَاقُ الْمُضَافُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ بَلْ سَبَبٌ مُفْضٍ، وَإِلَّا لَاسْتَنَدَ إلَى وَقْتِ الْإِيجَابِ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي قَدْرِ الْبَدَلِ) يَعْنِي: إذَا وَقَعَتْ الْمُوَاضَعَةُ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ بِأَنْ يُذْكَرَ فِي الْعَقْدِ أَلْفَانٍ، وَيَكُونُ الْمَهْرُ أَلْفًا فَإِنْ اتَّفَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنْ الْمُوَاضَعَةِ فَاللَّازِمُ هُوَ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ أَعْنِي: الْأَلْفَيْنِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى بِنَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ فَاللَّازِمُ أَلْفٌ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ النِّكَاحِ، وَالْبَيْعِ حَيْثُ يَعْتَبِرُ فِي النِّكَاحِ الْمُوَاضَعَةَ دُونَ التَّسْمِيَةِ، وَفِي الْبَيْعِ بِالْعَكْسِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَدَلَ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ وَصْفًا، وَتَبَعًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ مَقْصُودٌ بِإِيجَابٍ لِكَوْنِهِ أَحَدَ رُكْنَيْ الْبَيْعِ، وَلِهَذَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِفَسَادِهِ أَوْ جَهَالَتِهِ، وَبِدُونِ ذِكْرِهِ، فَيَتَرَجَّحُ الْبَيْعُ بِالثَّمَنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ تَصْحِيحُ الْبَيْعِ لِتَصْحِيحِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْبَدَلِ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ إظْهَارًا لِخَطَرِ الْمَحَلِّ لَا مَقْصُودًا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ ثُبُوتُ الْحِلِّ فِي الْجَانِبَيْنِ لِلتَّوَالُدِ، وَالتَّنَاسُلِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْبِنَاءِ) يَعْنِي: أَنَّ وَقْتَ الْمُوَاضَعَةِ فِي جِنْسِ الْبَدَلِ بِأَنْ يَذْكُرَا فِي الْعَقْدِ مِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ فَاللَّازِمُ مَهْرُ الْمِثْلِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّزَوُّجِ بِدُونِ الْمَهْرِ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى ثُبُوتِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَثْبُتُ بِالْهَزْلِ، وَلَا إلَى ثُبُوتِ الْمُتَوَاضَعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمُوَاضَعَةِ فِي الْقَدْرِ فَإِنَّ الْمُتَوَاضَعَ عَلَيْهِ قَدْ يُسَمَّى فِي الْعَقْدِ مَعَ الزِّيَادَةِ، وَبِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ فِيهِ ضَرُورَةً إلَى اعْتِبَارِ التَّسْمِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute