الْحُكْمُ عَنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ (فَيَصِحُّ إسْلَامُ الْحَرْبِيِّ وَبَيْعُ الْمَدْيُونِ مَالَهُ لِقَضَاءِ الدُّيُونِ وَطَلَاقُ الْمُولِي بَعْدَ الْمُدَّةِ بِالْإِكْرَاهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا ذُكِرَ وَهُوَ إسْلَامُ الْحَرْبِيِّ وَطَلَاقُ الْمُولِي، وَبَيْعُ الْمَدْيُونِ مَالَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الزَّوْجَ يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ (لَا إسْلَامُ الذِّمِّيِّ بِهِ أَيْ:) بِالْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ إكْرَاهَ الذِّمِّيِّ عَلَى الْإِسْلَامِ لَيْسَ بِحَقٍّ، فَيَبْطُلُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُبْطِلُ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا (وَالْإِكْرَاهُ بِالْقَتْلِ وَالْحَبْسِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَأَصْلُنَا: أَنَّ الْإِكْرَاهَ الْمُلْجِئَ لَمَّا أَفْسَدَ الِاخْتِيَارَ فَإِنْ عَارَضَ هَذَا الِاخْتِيَارَ اخْتِيَارٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَامِلِ يَصِيرُ اخْتِيَارُ الْفَاعِلِ كَالْمَعْدُومِ، وَهَذَا) أَيْ: صَيْرُورَةُ اخْتِيَارِ الْفَاعِلِ كَالْمَعْدُومِ
ــ
[التلويح]
شَرَائِطِ كَمَالِ النَّفَاذِ فِي الْإِكْرَاهِ أَقَلُّ فَهُوَ بِالْقَبُولِ أَجْدَرُ، وَالنَّفَاذُ فِيهِ أَظْهَرُ، وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ هَاهُنَا أُمُورًا أَرْبَعَةً هِيَ اخْتِيَارُ السَّبَبِ، وَالْحُكْمِ، وَالرِّضَى بِهِمَا فَفِي الْهَزْلِ يُوجَدُ اخْتِيَارُ السَّبَبِ، وَالرِّضَى بِهِ مَعَ الصِّحَّةِ، وَيَنْتَفِي اخْتِيَارُ الْحُكْمِ، وَالرِّضَى بِهِ، وَفِي الْإِكْرَاهِ يُوجَدُ اخْتِيَارُ السَّبَبِ، وَالْحُكْمِ مَعَ الْفَسَادِ، وَيَنْتَفِي الرِّضَى بِهِمَا فَفِي كُلٍّ مِنْ الْهَزْلِ، وَالْإِكْرَاهِ يُوجَدُ الِاثْنَانِ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ لَكِنْ مَعَ الصِّحَّةِ فِي الْهَزْلِ، وَمَعَ الْفَسَادِ فِي الْإِكْرَاهِ فَلَا يَكُونُ الْإِكْرَاهُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ، وَالنَّفَاذِ وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَتَعَرَّضْ لِوُجُودِ اخْتِيَارِ الْحُكْمِ فِي الْإِكْرَاهِ لِيُتَوَهَّمَ غَايَةُ رُجُوحِيَّتِهِ، فَيَظْهَرُ قُوَّةُ الِاعْتِرَاضِ، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِكْرَاهِ، وَالْهَزْلِ أَمْرَيْنِ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ إلَّا أَنَّ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْإِكْرَاهِ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَالسَّبَبُ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ، وَأَنَّ الِاخْتِيَارَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي عَامَّةِ الْأَحْكَامِ، وَنَفَاذِ التَّصَرُّفَاتِ، وَالرِّضَى قَدْ يَكُونُ، وَقَدْ لَا يَكُونُ، وَفَسَادُ الِاخْتِيَارِ لَا يُوجِبُ الْمَرْجُوحِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْعَقَدَ يَنْفُذُ، وَلَا يَحْتَمِلُ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ:، وَإِذَا اتَّصَلَ) أَيْ: الْإِكْرَاهُ بِقَبُولِ الْمَالِ بِأَنْ أُكْرِهَتْ امْرَأَةٌ بِوَعِيدِ تَلَفٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى أَنْ تَقْبَلَ مِنْ زَوْجِهَا الْخُلْعَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ إلَّا عَلَى الْقَبُولِ، وَقَدْ وُجِدَ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ؛ لِأَنَّهُ تَوَقَّفَ عَلَى الرِّضَا، وَلَمْ يُوجَدْ كَمَا إذَا طَلَّقَ الصَّغِيرَةَ فَقَبِلَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الْقَبُولِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ لِبُطْلَانِ الْتِزَامِهَا، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ اتِّصَالُ الْإِكْرَاهِ بِقَبُولِ الْمَالِ أَيْ: أَنْ يَتَّحِدَ مَحَلُّهُمَا بِأَنْ تُكْرَهَ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى تَطْلِيقِ امْرَأَتِهِ عَلَى مَالٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَمْنَعُ الطَّلَاقَ، وَيَلْزَمُهَا الْمَالُ؛ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْمَالَ طَائِعَةً بِإِزَاءِ مَا سُلِّمَ لَهَا مِنْ الْبَيْنُونَةِ أَمَّا إذَا اتَّصَلَ الْهَزْلُ بِقَبُولِ الْمَالِ، فَيَصِحُّ التَّطْلِيقُ لَكِنْ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى الْتِزَامِ الْمَرْأَةِ الْمَالَ، وَعَلَى الرِّضَا بِهِ فَإِنْ الْتَزَمَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَزِمَ الْمَالُ، وَإِلَّا فَلَا طَلَاقَ، وَلَا مَالَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute