الْمَجْمُوعَ كَالرَّهْطِ، وَالْقَوْمِ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ أَوْ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلِ الشُّمُولِ نَحْوُ مَنْ يَأْتِينِي فَلَهُ دِرْهَمٌ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ نَحْوُ مَنْ يَأْتِينِي أَوَّلًا فَلَهُ دِرْهَمٌ فَالْجَمْعُ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ يُطْلَقُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَصَاعِدًا) فَقَوْلُهُ يُطْلَقُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَصَاعِدًا أَيْ يَصِحُّ إطْلَاقُ اسْمِ الْجَمْعِ، وَالْقَوْمِ، وَالرَّهْطِ عَلَى كُلِّ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَصَاعِدًا إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فَإِذَا أُطْلِقَتْ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ تَدُلُّ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْعَدَدِ الْمُعَيَّنِ فَإِذَا كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ عَبِيدٍ مَثَلًا أَوْ عَشَرَةُ عَبِيدٍ فَقَالَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ يُعْتَقُ جَمِيعُ الْعَبِيدِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَةَ فَصَاعِدًا فَإِنَّ هَذَا يُنَافِي مَعْنَى الْعُمُومِ (لِأَنَّ
ــ
[التلويح]
مِنْ حَيْثُ إنَّ مَجِيءَ الْمَجْمُوعِ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ مَجِيءِ كُلِّ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْحُكْمُ مُتَعَلِّقًا بِالْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ الْمَجْمُوعُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ لِكُلِّ فَرْدٍ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مِثْلُ يُطِيقُ رَفْعَ هَذَا الْحَجَرِ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا، وَهَذَا كَمَا يَصِحَّ عِنْدِي عَشَرَةٌ إلَّا وَاحِدًا وَلَا يَصِحُّ الْعَشَرَةُ زَوْجٌ إلَّا وَاحِدًا، وَلَيْسَ الْحُكْمُ عَلَى الْآحَادِ بَلْ عَلَى الْمَجْمُوعِ، وَالثَّانِي أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كَانَ مُجْتَمِعًا مَعَ غَيْرِهِ أَوْ مُنْفَرِدًا عَنْهُ مِثْلُ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ فَلَهُ دِرْهَمٌ فَلَوْ دَخَلَهُ وَاحِدٌ اسْتَحَقَّ دِرْهَمًا، وَلَوْ دَخَلَهُ جَمَاعَةٌ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ الدِّرْهَمَ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ بِشَرْطِ الِانْفِرَادِ، وَعَدَمِ التَّعَلُّقِ بِوَاحِدٍ آخَرَ مِثْلُ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا فَلَهُ دِرْهَمٌ فَكُلُّ وَاحِدٍ دَخَلَهُ أَوَّلًا مُنْفَرِدًا اسْتَحَقَّ الدِّرْهَمَ، وَلَوْ دَخَلَهُ جَمَاعَةٌ مَعًا لَمْ يَسْتَحِقُّوا شَيْئًا، وَلَوْ دَخَلُوهُ مُتَعَاقِبِينَ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا الْوَاحِدُ السَّابِقُ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ. فَالْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ مَشْرُوطٌ بِالِاجْتِمَاعِ، وَفِي الثَّالِثِ بِالِانْفِرَادِ، وَفِي الثَّانِي غَيْرُ مَشْرُوطٍ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: فَالْجَمْعُ) مِثْلُ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْعَامِّ الْمُتَنَاوِلِ لِلْمَجْمُوعِ مِثْلُ الرَّهْطِ، وَالْقَوْمِ، وَيَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَى أَيِّ عَدَدٍ كَانَ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ يَعْنِي أَنَّ مَفْهُومَهُ جَمِيعُ الْآحَادِ سَوَاءٌ كَانَتْ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً أَوْ مَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الثَّلَاثَةُ وَأَنْ يُرَادَ بِهِ الْأَرْبَعَةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْدَادِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُبْهَمًا غَيْرَ دَالٍّ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ فَلَا يُوجِبُ الْعُمُومَ بَلْ يُنَافِيهِ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ شَرْطٌ فِيهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ، وَأَمَّا الْمُنْكَرُ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ.
وَكَذَا سَائِرُ أَسْمَاءِ الْجُمُوعِ، وَإِلَّا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الرَّهْطَ اسْمٌ لِمَا دُونَ الْعَشَرَةِ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى مَا صُرِّحَ بِهِ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعَرَّفَ بِاللَّامِ مِنْ الْجُمُوعِ، وَأَسْمَائِهَا لِجَمِيعِ الْأَفْرَادِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَإِنْ كَانَ دُونَ اللَّازِمِ لِمَا دُونَ الْعَشَرَةِ كَالرَّهْطِ أَوْ لِلْعَشْرَةِ فَمَا دُونَهَا كَجَمْعِ الْقِلَّةِ مِثْلُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْأَنْفُسِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا تَحْقِيقُ أَنَّ الْمَوْضُوعَ لِلْعُمُومِ هُوَ مَجْمُوعُ الِاسْمِ، وَحَرْفُ التَّعْرِيفِ أَوْ الِاسْمِ بِشَرْطِ التَّعْرِيفِ، وَعَلَى الثَّانِي هَلْ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا حَيْثُ وُضِعَ بِدُونِ التَّعْرِيفِ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute