أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ) ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ اثْنَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: ١١] ، وَالْمُرَادُ اثْنَانِ وقَوْله تَعَالَى {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» ، وَلَنَا إجْمَاعُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي اخْتِلَافِ صِيَغِ الْوَاحِدِ، وَالتَّثْنِيَةِ، وَالْجَمْعِ.
(وَلَا نِزَاعَ فِي الْإِرْثِ، وَالْوَصِيَّةِ) فَإِنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ فِيهِمَا اثْنَانِ.
(وقَوْله تَعَالَى {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] مَجَازٌ كَمَا يُذْكَرُ الْجَمْعُ لِلْوَاحِدِ.
(وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَوَارِيثِ أَوْ عَلَى سُنِّيَّةِ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ) فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقْتَدِي وَاحِدًا يَقُومُ عَلَى جَنْبِ الْإِمَامِ، وَإِذَا كَانَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَالْإِمَامُ يَتَقَدَّمُ (أَوْ عَلَى اجْتِمَاعِ الرُّفْقَةِ بَعْدَ قُوَّةِ الْإِسْلَامِ) فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ ضَعِيفًا نَهَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ أَنْ يُسَافِرَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ، وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» فَلَمَّا ظَهَرَ قُوَّةُ الْإِسْلَامِ
ــ
[التلويح]
وَأَنَّ هَذَا الْوَضْعَ لَا شَكَّ أَنَّهُ نَوْعِيٌّ فَكَيْفَ يَكُونُ اللَّفْظُ بِاعْتِبَارِهِ حَقِيقَةً، وَإِنَّ الْحُكْمَ فِي مِثْلِهِ عَلَى كُلِّ جَمْعٍ أَوْ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ، وَأَنَّهُ لِلْأَفْرَادِ الْمُحَقَّقَةِ خَاصَّةً أَوْ الْمُحَقَّقَةِ، وَالْمُقَدَّرَةِ جَمِيعًا، وَأَنَّ مَدْلُولَهُ الِاسْتِغْرَاقُ الْحَقِيقِيُّ أَوْ أَعَمُّ مِنْ الْحَقِيقِيِّ، وَالْعُرْفِيُّ فَالْكَلَامُ فِيهِ طَوِيلٌ لَا يَحْتَمِلُهُ الْمَقَامُ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ أَقَلّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ) اخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّ عَدَدٍ تُطْلَقُ عَلَيْهِ صِيغَةُ الْجَمْعِ فَذَهَبَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ، وَالْفُقَهَاءِ، وَأَئِمَّةِ اللُّغَةِ إلَى أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ نِسَاءً لَا يَحْنَثُ بِتَزَوُّجِ امْرَأَتَيْنِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ اثْنَانِ حَتَّى يَحْنَثُ بِتَزَوُّجِ امْرَأَتَيْنِ، وَتَمَسَّكُوا بِوُجُوهٍ الْأَوَّلُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: ١١] ، وَالْمُرَادُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا لِأَنَّ الْأَخَوَيْنِ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ كَالثَّلَاثَةِ، وَالْأَرْبَعَةِ، وَكَذَا كُلُّ جَمْعٍ فِي الْمَوَارِيثِ، وَالْوَصَايَا حَتَّى إنَّ فِي الْمِيرَاثِ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ كَمَا لِلْأَخَوَاتِ، وَفِي الْوَصِيَّةِ لِلِاثْنَيْنِ مَا أَوْصَى لِأَقْرِبَاءِ فُلَانٍ الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] أَيْ قَلْبًا كَمَا إذْ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ.
الثَّالِثُ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» ، وَمِثْلُ حُجَّةٍ مِنْ اللُّغَوِيِّ فَكَيْفَ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَتَمَسَّكَ الذَّاهِبُونَ إلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى اخْتِلَافِ صِيَغِ الْوَاحِدِ، وَالتَّثْنِيَةِ، وَالْجَمْعِ فِي غَيْرِ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ لِمَا سَتَعْرِفُ مِثْلُ: رَجُلٌ رَجُلَانِ رِجَالٌ، وَهُوَ فَعَلَ، وَهُمَا فَعَلَا، وَهُمْ فَعَلُوا، وَأَيْضًا مَا فَوْقَ الِاثْنَيْنِ هُوَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ صِيغَةِ الْجَمْعِ، وَأَيْضًا يَصِحُّ نَفْيُ الْجَمْعِ عَنْ الِاثْنَيْنِ مَا فِي الدَّارِ رِجَالٌ بَلْ رَجُلَانِ وَأَيْضًا يَصِحُّ رِجَالٌ ثَلَاثَةٌ، وَأَرْبَعَةٌ، وَلَا يَصِحُّ رِجَالٌ اثْنَانِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِوُجُوبِ مُرَاعَاةِ صُورَةِ اللَّفْظِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ، وَالصِّفَةُ كِلَاهُمَا مَثْنًى أَوْ مَجْمُوعًا لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْأَعْدَادِ لَيْسَتْ جُمُوعًا، وَلَا لَفْظَ اثْنَانِ مَثْنًى عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ جَاءَنِي زَيْدٌ، وَعُمَرُ، وَالْعَامِلَانِ، وَلَا يَصِحُّ الْعَامِلُونَ ثُمَّ أَجَابُوا عَنْ تَمَسُّكَاتِ الْمُخَالِفِ أَمَّا عَنْ الْأَوَّلِ فَبِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ فِي بَابِ الْإِرْثِ اسْتِحْقَاقًا، وَحَجْبًا، وَالْوَصِيَّةُ لَكِنْ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ صِيغَةَ الْجَمْعِ مَوْضُوعَةٌ لِلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute