بِالْجَمْعِ بَلْ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ التَّثْنِيَةِ، وَالْجَمْعِ لَا أَنَّ الْمَثْنَى جَمْعٌ (فَيَصِحُّ تَخْصِيصُ الْجَمْعِ) تَعْقِيبٌ لِقَوْلِهِ
ــ
[التلويح]
أَوْ فِي حُكْمِ الِاصْطِفَافِ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَتَقَدُّمِ الْإِمَامِ عَلَيْهِمَا أَوْ فِي إبَاحَةِ السَّفَرِ لَهُمَا، وَارْتِفَاعِ مَا كَانَ مَنْهِيًّا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مِنْ مُسَافَرٍ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ بِنَاءً عَلَى غَلَبَةِ الْكُفَّارِ أَوْ فِي انْعِقَادِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِهِمَا، وَإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَعْرِيفُ الْأَحْكَامِ دُونَ اللُّغَاتِ عَنْ أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ إذْ لَيْسَ النِّزَاعُ فِي جَمَعَ، وَمَا يُشْتَقُّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ ضَمُّ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ، وَهَذَا حَاصِلٌ فِي الِاثْنَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي صِيَغِ الْجَمْعِ، وَضَمَائِرِهِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ اعْلَمْ أَنَّ النِّزَاعَ فِي نَحْوِ رِجَالٍ، وَمُسْلِمِينَ، وَضَرَبُوا لَا فِي لَفْظِ جَمْعٍ، وَلَا فِي نَحْوِ نَحْنُ فَعَلْنَا، وَلَا فِي نَحْوِ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا فَإِنَّهُ وِفَاقٌ فَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ جَوَابًا عَنْ مِثْلِ فَعَلْنَا وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَحْمِلَ اشْتِرَاكُهُ بَيْنَ التَّثْنِيَةِ، وَالْجَمْعِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ الْمَعْنَوِيِّ دُونَ اللَّفْظِيِّ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْمُتَكَلِّمِ مَعَ الْغَيْرِ وَاحِدًا كَانَ الْغَيْرُ أَوْ أَكْثَرَ، وَهَذَا مَفْهُومُ وَاحِدٍ يَصْدُقُ عَلَى الِاثْنَيْنِ، وَالثَّلَاثَةِ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ كَمَا يَصْدُقُ هُمْ فَعَلُوا عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَالْأَرْبَعَةِ، وَمَا فَوْقَهُمَا مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ لَفْظٍ، وَتَعَدُّدِ وَضْعٍ وَأَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَبْلَ أَنَّ مِثْلَ فِعْلِنَا حَقِيقَةٌ فِي الْجَمْعِ مَجَازٌ فِي الِاثْنَيْنِ وَاكْتَفَى بِهَذَا الْمَجَازِ وَلَمْ يُوضَعْ لِلْمُتَكَلِّمِ مَعَ وَاحِدٍ آخَرَ اسْمٌ خَاصٌّ لِئَلَّا يَكُونَ التَّبَعُ مُزَاحِمًا لِلْأَصْلِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ يَحْكِي عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ تَبَعٌ لَهُ فِي الدُّخُولِ تَحْتَ الصِّيغَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَكَلِّمٍ بِهَذَا الْكَلَامِ حَقِيقَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْغَيْرُ فَوْقَ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ يَتَقَوَّى بِكَثْرَتِهِ، وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْأَصْلِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي هَذَا الْمَقَامِ بَيْنَ جَمْعِ الْقِلَّةِ، وَجَمْعِ الْكَثْرَةِ فَدَلَّ بِظَاهِرِهِ عَلَى أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هِيَ فِي جَانِبِ الزِّيَادَةِ بِمَعْنَى أَنَّ جَمْعَ الْقِلَّةِ مُخْتَصٌّ بِالْعَشَرَةِ فَمَا دُونَهَا، وَجَمْعَ الْكَثْرَةِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ، وَهَذَا أَوْفَقُ بِالِاسْتِعْمَالَاتِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ كَثِيرٌ مِنْ الثِّقَاتِ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ تَخْصِيصُ الْجَمْعِ) قَدْ اخْتَلَفُوا فِي مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ فَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ جَمْعٍ يَقْرُبُ مِنْ مَدْلُولِ الْعَامِّ، وَقِيلَ يَجُوزُ إلَى ثَلَاثَةٍ، وَقِيلَ إلَى اثْنَيْنِ، وَقِيلَ إلَى وَاحِدٍ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعَامَّ إنْ كَانَ جَمْعًا مِثْلُ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ أَوْ فِي مَعْنَاهُ مِثْلُ الرَّهْطِ، وَالْقَوْمِ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ إلَى الثَّلَاثَةِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ فَالتَّخْصِيصُ إلَى مَا دُونَهَا يُخْرِجُ اللَّفْظَ عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الْجَمْعِ فَيَصِيرُ نَسْخًا، وَإِنْ كَانَ مُفْرَدًا كَالرِّجَالِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالنِّسَاءِ فِي لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ إلَى الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الْفَرْدِ عَلَى مَا هُوَ أَصْلُ وَضْعِ الْمُفْرَدِ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْجَمْعَ إنَّمَا يَكُونُ عَامًّا عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِغْرَاقِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute