هذه الدعوات الجليلة من أهل الإيمان، ينبغي للعبد أن يقف رويداً عندها بالتأمل والتدبر بما حوته من عظيم المنافع في مسائل الإيمان والمعاد.
فقد جاء عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنّه قال لأُمِّنَا الصدّيقة بنت الصدّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِيهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: فَسَكَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِيِ قَالَ: (يَا عَائِشَةُ، ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي)، قُلْتُ: وَاَللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَك، وَأُحِبُّ مَا يَسُرُّك، قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ، قَالَتْ: وَكَانَ جَالِسًا، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ، فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غُفِرَ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا)) (١). إنه موقف عظيم للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ينبغي للعبد أن يتأمّل جيّداً في هذا الخلق العظيم العجيب في أقطار السموات والأرض، وما يسمو به ذلك من المعارف، والإيمان، والحبّ، والتعظيم، والذكر الكثير لله ربّ العالمين.
قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ
(١) رواه ابن حبان في صحيحه، ٢/ ٣٨٦، برقم ٦٢٠، وقال عنه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، ١/ ١٠٦، برقم ٦٨،: ((إسناده جيد)).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute