للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه من الخلق أجمعين.

١٥ - {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (١).

هذه دعوة أصحاب الأعراف، ((والأعراف: موضع بين الجنة والنار، يشرف على كل منهما، وليس هو موضع استقرار، وإنما هو موضع أُناسٍ تساوت حسناتهم وسيئاتهم، يمكثون فيه مدة كما يشاء اللَّه، ثم يدخلون الجنة، وفي ذلك حِكَمٌ نبَّه اللَّه تعالى عليها ... )) (٢).

وقد ذكر اللَّه - عز وجل - دعوتهم في قوله: {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أي: وإذا صُرفت أبصار أصحاب الأعراف حيال وجوه أصحاب النار، رأوا منظراً شنيعاً في تشويه اللَّه تعالى لهم، وهَوْلاً فظيعاً في ما هم فيه، فتضرّعوا إلى اللَّه ألاّ يصيبهم ما أصابهم، فقالوا: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}: سألوا اللَّه تعالى أن يُعيذهم من سوء حال الظالمين في النار، وهذا يدلّ على شدّة العذاب المحيط بهم، والعياذ باللَّه تعالى: ((وفي وصفهم بـ (الظلم): دون ما هم عليه حينئذٍ من العذاب، وسوء الحال الذي هو الموجب للدعاء إشعارٌ بأنّ المحذور عندهم ليس نفي العذاب فقط؛ بل مع ما يوجبه، ويؤدي إليه من الظلم)) (٣) دلالة على سوء هذا الوصف المهين.


(١) سورة الأعراف، الآية: ٤٧.
(٢) المواهب الربانية، ص ٣٧.
(٣) تفسير أبي السعود، ٢/ ٤٩٦.

<<  <   >  >>