للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشرح:]

في هذا الحديث بيان لأمرٍ عظيمٍ، وشأنٍ خطيرٍ وكبيرٍ، وهو أن اللَّه جلّ قدره هو الذي يتولّى قلوب العباد بنفسه، فيصرّفها كلها كقلبٍ واحدٍ كيف يشاء، باقتدار تام، لا يشغله قلب عن قلب، وأنه هو جلّ وعلا يتولّى الأمر بنفسه، لا يكله لأحدٍ من الملائكة، ولم يُطلِعْ أحداً على سرائره من خلقه لمحض رحمته وفضله، وكمال حكمته جلّ وعلا، وفيه بيان أن العبد ليس إليه شيء من أمر سعادته، أو شقاوته، بل إن الأمر كلّه للَّه، فإن اهتدى فبهداية اللَّه تعالى إيَّاه، وإن ضلّ فبصرفه له بحكمته وعدله، وعلمه السابق - عز وجل -، فلعظم هذا الأمر كان سيد الأولين والآخرين، المزكَّى من رب العالمين، مفتقراً إلى اللَّه - عز وجل - في كل حين بالدعاء؛ لتثبيت قلبه على دينه وطاعته، فكيف بنا نحن؟ فهذا التعليم المهمّ منه - صلى الله عليه وسلم - لأمته أن

يكونوا ملازمين لمقام الخوف، مشفقين غير آمنين من سلب الدين واليقين والإيمان، [ولكن مع ذلك لا ييأسون من رحمة اللَّه تعالى، بل يجمع العبد بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة] (١).

قوله: ((صرِّف قلوبنا على طاعتك)): أي ثبِّت قلوبنا، واصرفها إلى طاعتك ومرضاتك في كل ما تحبه من الأقوال، والأعمال والأخلاق.


(١) انظر: أوراد الذاكرين، ص ١٥٢، وفقه الأدعية، ٤/ ٤٨٤.

<<  <   >  >>