للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: أن الهداية التي نطلبها لا تحصل هكذا غالباً, بل لابد لها من أسباب نبذلها, وأهم هذه الأسباب، وأجلها الدعاء, وصدق التوجه إليك، والمجاهدة في تحصيلها (١).

قوله: ((وعافني فيمن عافيت)): فيه سؤال اللَّه تبارك وتعالى العافية المطلقة الظاهرة, والباطنة, في الدين, والدنيا, والآخرة؛ لأن مفرد المضاف يفيد العموم, فلم يخص نوعاً معيناً من أنواع العافية, والعافية كما تقدم مراراً هي السلامة, والوقاية من أمراض القلوب, وأمراض الأبدان, فيدخل في ذلك العافية عن الكفر, والشرك, والفسوق, والغفلة, والأسقام, وكل الخزايا, والبلايا, وفعل ما لا يحبه, وترك ما يحبه, فهذه هي حقيقة العافية؛ ولهذا ما سُئل الربّ - عز وجل - شيئاً أحب إليه من العافية؛ لأنها كلمةٌ جامعة للتخلص من الشر كله, وأسبابه, ونتائجه, وتبعاته, ولقد شرحنا معاني هذه الكلمة الجامعة في الدعاء رقم (٧١) , ورقم (١٣٨).

قوله: ((وتولّني فيمن توليت)): فيه توسل إلى اللَّه تبارك وتعالى بفعل الولاية, وهو مشتق من اسمين للَّه تعالى من الأسماء الحسنى: (الولي، والمولى): اللذين يدلان على معنى الولاية العامة: وهي لكل الخلائق, قال اللَّه تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَق} (٢) ,وولاية خاصة: وهي ولاية اللَّه تعالى للمؤمنين، كما قال


(١) انظر: الفتوحات الربانية، ١/ ٥٤٤، دروس وفتاوى الحرم المكي للعلامة ابن عثيمين:
١/ ٣٨٤ - ٣٩١، و ((شرح دعاء القنوت له)) , فقه الأدعية والأذكار، بتصرف يسير،
٣/ ١٧٥ - ١٧٦.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٦٢.

<<  <   >  >>