للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُكَلِّمُونِ}: أي لا تعودوا إلى سؤالكم، ثم بيّن جلّ وعلا علّة تعذيبهم: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا ... } يقول الشنقيطي - رحمه اللَّه - عن قوله: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ ... }: قد تقرّر في الأصول في مسلك الإيماء والتنبيه أن (إنَّ) المكسورة المشدّدة من حروف التعليل، كقولك: عاقبه إنه مسيء: أي لأجل إساءته، أن من الأسباب التي أدخلتهم النار هو استهزاؤهم، وسخريتهم من هذا الفريق المؤمن (١).

وقوله: {يَقُولُونَ}: دلالة ظاهرة على استمراريتهم في الدعاء، والإكثار منه في حياتهم الدنيا، كما أفاد الفعل المضارع بعد كان (٢).

{رَبَّنَا آمَنَّا}: أي بك وبرسلك، وما جاؤا به من عندك، قدّموا التوسّل بإيمانهم قبل سؤالهم؛ لأن الإيمان هو أعظم أعمال القلوب المقتضى لقبول الدعاء، وحصول الرجاء.

{فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا}: استر علينا مما يوقع من تقصيرنا في حقك وحق غيرنا فتجاوزه عنا، وتعطف علينا برحماتك التي لا تُعدُّ ولا تُحصى.

{وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}: أكدوا إيمانهم ويقينهم بأنه تعالى خير من رحم، وفيه دلالة على أهمية التوسل بأسمائه تعالى المضافة في الدعاء؛ فإن فيها من كمال الأدب، والثناء على اللَّه.


(١) أضواء البيان، ٥/ ٥٦٣.
(٢) المصدر السابق، ٢/ ٢٤٣.

<<  <   >  >>