للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البرد، لأن دمعة السرور باردة (١). قال الزجاج: يقال: أقرّ اللَّه عينك: صادف فؤادك ما يحبه (٢).

هذه الدعوة الثانية من دعوات عباد الرحمن الذين جمعوا الخصال والفعال الحميدة، ومن جميل الكلمات الحسان من الدعوات، فقالوا:

{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}: أي يا ربنا هب لنا من هباتك العظيمة الكثيرة أزواجاً، وذرية صالحة ((من يعمل لك بالطاعة، فتقرّ أعيننا بهم في الدنيا والآخرة)) (٣).

فهم يلحّون بهذا السؤال، كما أفاد الفعل المضارع ((يقولون)) أن يرزقهم اللَّه تعالى من يخرج من أصلابهم ومن ذرياتهم من يطيعه، ويعبده وحده لا شريك له.

وهذا الدعاء لأزواجهم وذريتهم في صلاحهم؛ فإنه دعاء لأنفسهم؛ لأن نفعه يعود عليهم، ويدوم في الدنيا والآخرة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عنه عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ


(١) انظر: تفسير الماوردي (النكت والعيون)، ٤/ ١٦١، وتذكرة الحفاظ، ٣/ ٢٩٣.
(٢) انظر: تفسير البغوي، ٥/ ٢٢٧، والألوسي، ٥/ ١٥٢، ولم ينسباه للزجاج، وقد نسبه للزجاج كثير من المفسرين مثل: غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري، ١٠/ ٢٠٣، والرازي في مفاتيح الغيب، ٢٤/ ١٠٠، وابن عادل الحنبلي في اللباب، ١٤/ ٥٧٦، والشوكاني في فتح القدير، ص ١٢٣٠.
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره، ١٩/ ٣١٨، وحسّن إسناده صاحب التفسير الصحيح،
٣/ ٥٠٩.

<<  <   >  >>