للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من التوكل والإنابة إليه - عز وجل -، والإيمان باليوم الآخر، ولمّا كانت هذه الخصال يحبّها اللَّه تعالى، حثَّنا وأكّد - سبحانه وتعالى - لنا في الاقتداء بهم، واتباع سيرته - عليه السلام -، والذين معه، إلاّ في استغفاره لأبيه، قال قتادة في هذه الآية: ((ائتسوا به في كل شيء، ما خلا قوله لأبيه: {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} فلا تأتسوا بذلك منه، فإنها كانت عن موعدة وعدها إياه)) (١).

فأمَرَنا ربنا تبارك وتعالى بالاقتداء بهم بالقول والفعل والدعاء.

{رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا}: بعد أن تبرؤوا شرعوا في التوسل إليه تعالى بخالص أعمالهم، وعبودياتهم له تعالى، مقدمة لسؤالهم ليكون أرجى في الإجابة والقبول: أي يا ربنا توكلنا عليك في جميع أمورنا: صغيرها، وكبيرها، وسلّمنا أمورنا إليك وحدك.

{وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا}: وإليك رجعنا بالاعتراف لك بكل ذنوبنا دون غيرك.

{وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}: وإليك مصيرنا ومرجعنا يوم تبعثنا من قبورنا، وتحشرنا يوم القيامة إلى موقف العرض، ((وفي تقديم الجار والمجرور (إليك) دلالة للحصر)) (٢)، والقصر في التوكل والإنابة والمصير عليه وحده جل وعلا دلالة على كمال توحيدهم، وإيمانهم.


(١) أخرجه الطبري في التفسير، ٢٣/ ٣١٨، وقال حكمت بن بشير بن ياسين في التفسير الصحيح، ٤/ ٤٧٣: ((بإسناد حسن)).
(٢) تفسير ابن عاشور، ٢٨/ ١٤٧.

<<  <   >  >>