للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعنى جوامع الكلم ما قاله الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه اللَّه: ((وبلغني أن جوامع الكلم: أن اللَّه - عز وجل - يجمع الأمور الكثيرة، التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد، والأمرين، أو نحو ذلك)) (١)، ((وحاصله أنه - صلى الله عليه وسلم - يتكلم بالكلام الموجز القليل اللفظ الكثير المعنى)) (٢).

فإذا كان الأمر كذلك فينبغي لكل داع أن يعتني بأدعية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - العناية الفائقة، فإن فيها جماع الخير كله وتمامه وشموله، وكل أنواعه، من جليل المقاصد الرفيعة، وأشرف المطالب العالية، من خيري الدنيا والآخرة، وغير ذلك؛ فإن فيها السلامة من الخطأ، والزلل، وذلك أن الدعاء فيه ((مناجاة العبد لسيد السادات الذي ليس

له مثيل، ولا نظير، ولو تقدم بعض خدم ملوك الدنيا إلى صاحبه، ورئيسه في حاجة لرفعها إليه، أو معونة يطلبها منه، ليتخير له محاسن الكلام، ولتَتَخلَّص إليه بأجود ما يقدر عليه من البيان، ولئن لم يستعمل هذا المذهب في مخاطبته إياه، ولم يسلك هذه الطريقة فيها معه، أوشك أن ينبو سمعه عن كلامه، وألاَّ يحظَى بطائل من حاجته عنده، فما ظنّك برب العزة سبحانه ((وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى))، وبمقام عبده الذليل بين يديه، ومن عسى أن يبلغ بجهد بيانه كنه


(١) البخاري، كتاب التعبير، باب المفاتيح في اليد، بعد الحديث رقم ٧٠١٣.
(٢) فقه الأدعية والأذكار لعبد الرزاق البدر، ٢/ ٥٩.

<<  <   >  >>